للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المأمون لأبي مسهر: والله لأحبسنك في أقصى عملي أو تقول: القرآن مخلوق، تريد تعمل للسفياني! فقال أبو مسهر: يا أمير المؤمنين، القرآن كلام الله غير مخلوق.

قال أبو داود سليمان بن الأشعث - وقيل له: إن أبا مسهر كان متكبراً في نفسه فقال: كان من ثقات الناس، ورحم الله أبا مسهر، لقد كان من الإسلام بمكان، حمل على المحنة فأبى، وحمل على السيف، فمد رأسه، وجرد السيف فأبى أن يجيب. فلما رأوا ذلك منه حمل إلى السجن، فمات.

قال علي بن عثمان النفيلي: كنا بدمشق على باب أبي مسهر عبد الأعلى جماعةً من أصحاب الحديث نسمع منه، فمرض أبو مسهر أياماً، ثم دخلنا عليه نعوده، فقلنا له: إيش خبرك يا أبا مسهر؟ كيف أصبحت؟ قال: أصبحت والحمد الله في عافية، راضياً عن الله، ساخطاً على ذي القرنين حيث لم يجعل السد بيننا وبين أهل العراق كما جعل بين أهل خراسان وبين يأجوج ومأجوج، قال: فما كان بعد هذا إلا يسيراً حتى وافى المأمون دمشق، ونزل سفح جبل دير المران وبني القبيبة التي فوق الجبل، فكان يأمر بالليل بجمر عظيم، فيوقد ويجعل في طسوس كبار، وتدلى من فوق الجبل من عند القبيبة بالسلاسل والحبال، فتضيء له الغوطة، فيبصرها بالليل.

قال: وكان أبو مسهر له حلقة في مسجد دمشق بين العشاء والعتمة عند حائط الشرقي، قال: فبينا أبو مسهر ليلة من الليالي جالس في مجلسه إذا قد دخل المسجد ضوء عظيم، فقال أبو مسهر: ما هذا؟ قالوا: هذه النار التي توقد لأمير المؤمنين من الجبل حتى تضيء له الغوطة، فقال أبو مسهر: " أتبنون بكل ريعٍ آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون " وكان في حلقة أبي مسهر صاحب خبرٍ للمأمون، فرفع ذلك إلى المأمون، فحقدها عليه، وكان قد بلغه أنه كان على قضاء أبي العميطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>