قال أحمد بن أبي الحواري: قال لي أبو سليمان: يا أحمد، أيكون شيء أعظم ثواباً من الصبر؟ قال: قلت: نعم، الرضى عن الله عز وجل. قال: ويحك إذا كان الله تعالى يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب، فانظر إلى ما يفعل بالراضي عنه.
وقال أبو سليمان: أرجو أن أكون عرفت طرفاً من الرضى لو أنه أدخلني النار لكنت بذلك راضياً.
قال أبو سليمان: ربما مثل لي أني على قنطرة من قناطير جهنم بين حجرين، فكيف يكون عيش من هو هكذا؟.
قال أبو سليمان: لولا الذنوب لسألناه أن يقيم القيامة، ولكن إذا ذكرت الخطيئة قلت: أبقى لعلي أتوب.
قال أبو سليمان: ما يسرني أن لي من أول الدنيا إلى آخرها أنفقه في وجوه البر وأني أغفل عن الله طرفة عين.
قال رجل لأبي سليمان: أوصني، فقال أبو سليمان: قال زاهد لزاهد: أوصني، قال: لا يراك الله حيث نهاك، ولا يفقدك حيث أمرك، قال: زدني، قال: ما عندي زيادة.
قال أبو سليمان: وقعت أمي من فوق وتكسرت، فأهمني أمرها، فقلت: يا رب، من يخدمها؟ فجعلت أبكي في سجودي، فإذا بهاتف يهتف: يا أبا سليمان، قم إلى الحائط فخذ ما فيه وادع به، فقمت، فإذا بقرطاس ما رأيت على نقائه وبياضه، بخط ما رأيت مثله حسناً، تفوح منه رائحة المسك، وإذا فيه مكتوب: يا مدرك الفوت بعد الفوت، ويا من يسمع في ظلم