للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: إذا كانت الآخرة في القلب جاءت الدنيا تزحمها، وإذا كانت الدنيا في القلب لم تزحمها الاخرة. إن الآخرة كريمة، والدنيا لئيمة.

قال أبو سليمان:

إن في الجنة أنهاراً، وعلى شاطئها خيام، فيهن الحور ينشئ الله خلق إحداهن إنشاء، فإذا تكامل خلقها ضربت الملائكة عليهن الخيام، جالسة على كرسي، ميل في ميل، قد خرجت عجيزتها من جوانب الكرسي. قال: فيجيء أهل الجنة من قصورهم يتنزهون ما شاؤوا، يخلو كل رجل منهم بواحدة منهن. قال أبو سليمان: كيف يكون في الدنيا حال من يريد يفتض الأبكار على شاطئ الأنهار في الجنة؟.

قال أحمد بن أبي الحواري: دخلت على ابي سليمان يوماً وهو يبكي، فقلت له: ما يبكيك؟! فقال: يا أحمد ولم لا أبكي؟ إذا جن الليل، ونامت العيون، وخلا كل حبيب بحبيبه افترش أهل المحبة أقدامهم، وجرت دموعهم على خدودهم، وتقطرت في محاريبهم أشرف الجليل سبحانه فنادى: يا جبريل بعيني من تلذذ بكلامي، واستراح إلى ذكري، وإني لمطلع عليهم في خلواتهم أسمع أنينهم، وأرى بكاءهم، فلم لا تنادي فيهم يا جبريل: ما هذا البكاء؟ هل رايتم حبيباً يعذب أحباءه؟! أم كيف يجمل بي أن آخذ قوماً إذا جنهم الليل تملقوا في، حلفت إذا وردوا علي القيامة لأكشفن لهم عن وجهي الكريم حتى ينظروا إلي، وأنظر إليهم.

قال أحمد بن أبي الحواري: بت عند أبي سليمان الداراني، فسمعته يقول: وعزتك وجلالتك لئن طالبتني بذنوبي لأطالبنك بعفوك، ولئن أمرت بي إلى النار لأخبرنهم أني كنت أحبك.

قال أبو سليمان: لو شك الناس كلهم في الحق ما شككت فيه وحدي. قال أحمد بن أبي الحواري: كان قلبه في هذا مثل قلب أبي بكر الصديق يوم الردة.

<<  <  ج: ص:  >  >>