خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم فتح مكة نحو المقابر، فقعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى قبر، فرأيناه كأنه يناجي، فقام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح الدموع من عينيه، فتلقاه عمر، وكان أولنا، فقال: بأبي أنت وأمي ما يبكيك؟! قال: إني استأذنت ربي في زيارة قبر أمي، وكانت والدة ولها قلبي حق أن أستغفر لها، فنهاني. قال: ثم أومأ إلينا أن اجلسوا فجلسنا، فقال: إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فمن شاء منكم أن يزور فليزر، وإني نهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام، فكلوا، وادخروا، ما بدا لكم، وإني كنت نهيتكم عن ظروف، وأمرتكم بظروف، فانتبذوا، فغن الآنية لا تحل شيئاً ولا تحرمه، واجتنبوا كل مسكر.
وعن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أنه خطب الناس بمنى فقال: يا ايها الناس، إنا أدركنا أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخذنا عنهم، وسمعنا منهم، فحدثونا أن نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فأتموا ثلاثين، إلا أن يشهد رجلان ذوا عدل أنهما رأياه بالأمس، فصوموا لرؤيتهما، وأفطروا لرؤيتهما، وانسكوا لرؤيتهما.
وفي حديث مختصر بمعناه: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، وانسكوا لها.
حدث عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: نظر عمر إلى أبي عبد الحميد - أو ابن عبد الحميد - وكان اسمه محمداً، ورجل يقول: يا محمد، فعل الله بك، وفعل وفعل، وقال وجعل يسبه، قال: فقال أمير المؤمنين عند ذلك: يا بن زيد، ادن مني، ألا أرى محمداً يسب بك، ولا والله، لا تدعى محمداً ما دمت حياً، فسماه عبد الرحمن، ثم أرسل إلى بني طلحة ليغير أسماءهم، وهم يومئذ