وأجلسني إلى جانبه، وكساني رداءه، وأعطاني حذاءه، ودفع إلي عصاه، وأسلمت، فقال للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوم من جلسائه: يا رسول الله، إنا نراك قد أكرمت هذا الرجل، فقال لهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هذا شريف قوم فإذا أتاكم شريف قوم فأكرموه. قال أبو راشد: وكان معي عبد لي يقال له سرحان، فأسلم معي، فقال لي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هل لك يا أبا راشد أن تعتقه فيعتق الله عز وجل بكل عضو منه عضواً منك من النار؟ قال أبو راشد: فأعتقته وقلت: اشهد يا رسول الله أنه حر لوجه الله، وانصرفت إلى أصحابي، فأدركت منهم قوماً، وفاتني منهم قوم، فأتوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلموا.
وفي رواية أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: من هذا معك؟ قلت: مولاي، قال: ما اسمه؟ قلت: قيوم، قال: كلا، ولكنه عبد القيوم.
وأبو راشد هذا هو من ولد رحب بن خولان، وليس بداريا رحبي غيره وولده ومن ولده جماعة بداريا.
قال محمد بن شعيب: حدث سعيد بن عبد العزيز أن عمر بن الخطاب كان يقاسم عماله نصف ما أصابوا بعند عزلهم، فقاسم خالد بن الوليد حتى إحدى نعليه. قال: وأراد مقاسمة أبي هريرة، فامتنع عليه لإمامته. قلت لسعيد: فما كان يلي؟ قال: البحرين، قلت: ولاه عمر؟ قال: نعم، قلت: فهل قاسم أبا عبيدة؟ قال: قد رد أبو عبيدة؟ قال: قد رد أبو عبيدة عمالته إلى بيت المال، وكان عمر أعمله على ألفي درهم في السنة، قلت: فردها كلها؟ قال: نعم. قال سعيد: ثم لم يزل العمال يقاسمون حتى كان عبد الملك، فكان يقاسمهم. قال: وكان معاوية يقاسمهم، يحاسبهم بنفسه، فقدم عليه أبو راشد من الأسد، من أهل فلسطين. قال سعيد: ويذكرون أن في الأسد أمانة. فلما ذهب يحاسبه بكى أبو راشد، فقال: ما يبكيك؟! قال: ما من المحاسبة أبكي، ولكن ذكرت حساب يوم القيامة، فتركه معاوية، فلم يحاسبه.