طفقت أسعى عليهم في ديارهم ... والقوم في ملكهم بالشام قد رقدوا
ومن رعى غنماً في أرض مسبعةٍ ... ونام عنها تولى رعيها الأسد
دعا أبو مسلم الناس إلى البيعة، فدعا إبراهيم الصائغ، فقال له: بايع طوعاً غير كاره، فقال الصائغ: لا بل كرهاً غير طائعٍ، قال: فكيف بايعت لنصر بن سيار؟ قال: إني لم أسأل عن ذلك، ولو سئلت لقلت.
وكتب الصائغ إلى أبي مسلم كتاباً يأمره وينهاه، وكان أبو مسلم وعده القيام بالحق، والذب عن الحرم أيام دولة بني أمية، فقال أبو مسلم: يا إبراهيم، أين كنت عن نصر بن سيار وهو يتخذ زقاق الذهب للخمر، فيبعث بها إلى الوليد بن يزيد؟ فقال إبراهيم: إني كنت معهم أخشى، وأنت وعدتني أن تعمل بالحق، وأن تقيمه. فكف عنه أبو مسلم. وكان إبراهيم يظهر مخالفته إياه، ومع ذلك لا يدع ما يمكنه.
قال محمد بن سلام الجمحي: دخل أبو مسلم على أبي العباس، فسلم عليه، وعنده أبو جعفر، فقال له: يا أبا مسلم، هذا أبو جعفر، فقال: يا أمير المؤمنين، هذا موضع لا يؤدى فيه إلا حقك.
ومن طريق المعافى: كتب أبو مسلم إلى المنصور حين استوحش منه: أما بعد، فقد كنت اتخذت أخاك إماماً، وجعلته على الدين دليلاً لقرابته، والوصية التي زعم أنها صارت إليه، فأوطأني عشوة الضلالة، وأوهقني في ربعة الفتنة، وأمرني أن آخذ بالظنة، وأقتل على التهمة، ولا أقبل المعذرة؛ فهتكت بأمره