الموت بأتيه فتستريح منه. فكف عبد الملك عن ذلك، ونفسه تنازعه أن يخلعه. فدخل عليه ليلة " رزح بن زنباع الجذامي فقال: ياأمير المؤمنين، لو خلعته ماانتطحت فيه عنزان، فقال عبد الملك: نصيح - إن شاء الله - فبينما هو على ذلك، وقد نام عبد الملك بن مروان، وروح بن زنباع إلى جنبه إذ دخل عليهما قبيصة بن ذؤيب طروقاً - وكان لايحجب عنه في أي ساعة جاء في ليلٍ أو نهار - وكان الخاتم إليه، فقال: آجرك الله ياأمير المؤمنين في أخيك. قال: وهل توفي؟ قال: نعم، قال: فاسترجع عبد الملك بن مروان، ثم أقبل على روح، فقال: أبا زرعة، كفانا الله ماكنا نريد.
وكان موت عبد العزيز في جمادى الأولى سنة خمس وثمانين وقال ابن يونس مات سنة ست وثمانين - وهذا وهم، لأنه مات قبل عبد الملك، وتوفي عبد الملك سنة خمس وثمانين.
وقال خليفة: اثنتين وثمانين، ومن طريقه أيضاً أنه مات سنة أربع وثمانين دخل عبد العزيز بن مروان على معاوية، فقال: إني رحلت إليك بالأمل، واحتملت جفوتك بالصبر. وإني رأيت ببابك أقواماً قدمهم الحظ، وآخرون باعدهم الحرمان: فليس ينبغي للمقدم أن يأمن، ولا للمؤخر أن ييأس.
وقال عبد الملك لأخيه عبد العزيز حين وجهه إلى مصر: أعرف حاجبك وكاتبك، وجليسك؛ فإن الغائب يخبره عنك كاتبك، والمتوسم يعرفك بحاجبك، والخارج من عندك يعرفك بجليسك.
ودخل على عبد العزيز بن مروان رجل يشكو صهراً له، فقال: إن ختني فعل بي كذا وكذا. فقال به عبد العزيز: من ختنك؟ فقال له: ختني الختان الذي يختن الناس. فقال عبد العزيز لكاتبه: ويحك. بم أجابني؟ فقال له: أيها الأمير، إنك لحنت، وهو لايعرف اللحن، كان ينبغي أن تقول له. ومن خنتك؟ فقال عبد العزيز: أراني أتكلم بكلامٍ لايعرفه العرب؟ لاشاهدت الناس حتى أعرف اللحن.