يدفع عنه، وغلبونا عليه حتى انتزعوا رداءه وحتى أصاب منكبه الباب فأوجعه، وقعد في حجرة عائشة منبهراً مما لقي منهم يقول: اللهم العنهم، اللهم العنهم. فلما سري عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت له عائشة: هلك والله القوم يا رسول الله. قال: وما ذاك يا عائشة. قالت: أولم أسمعك تقول: اللهم العنهم؟ فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلا والله، لقد اشترطت على ربي فقلت:" اللهم، إنما أنا بشر أغضب كما يغضبون وأجد كما يجدون، فأي المسلمين ضربت أو سببت أو لعنت أو آذيت فاجعلها له مغفرة ورحمة وقربة تقربه بها يوم القيامة. كلا والله يا عائشة ". وعن الفضل بن عباس قال: دخلت على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مرضه وعلى رأسه عصابة حمراء أو قال: صفراء فقال: ابن عمي، خذ هذه العصابة فاشدد بها رأسي. فشددت بها رأسه. قال: ثم توكأ علي حتى دخلنا المسجد فقال: " يا أيها الناس، إنما أنا بشر مثلكم. ولعله أن يكون قد قرُب مني خفوف من بين أظهركم. فمن كنت أصبت من عرضه أو من شعره أو من بشره أو من ماله شيئاً، هذا عرض محمد وشعره وبشره وماله فليقم فليقتص، ولا يقولن أحد منكم: إني أتخوف من محمد العداوة والشحناء. ألا وإنهما ليسا من طبيعتي وليسا من خلقي ". قال: ثم انصرف. فلما كان من الغد أتيته فقال:" ابن عمي، لا أحسب أن مقامي بالأمس أجزأ عني، خذ هذه العصابة فاشدد بها رأسي ". قال: فشددت بها رأسه. قال: ثم توكأ علي حتى دخلنا المسجد فقال مثل مقالته بالأمس ثم قال: " فإن أحبكم إلينا من اقتص ". قال: فقام رجل فقال: يا رسول الله، أرأيت يوم أتاك السائل فسألك فقلت: من معه شيء يقرضنا فأقرضتك ثلاث دراهم؟ قال: فقال: " يا فضل أعطه ". قال: فأعطيته. قال: ثم قال: " ومن غلب عليه شيء فليسألنا ندع له ". قال: فقام رجل فقال: يا رسول الله، إني رجل جبان كثير النوم. قال: فدعا له. قال الفضل: فلقد رأيته أشجعنا وأقلنا نوماً. قال: ثم أتى بيت عائشة فقال للنساء مثلما قال للرجال. ثم قال: " ومن غلب عليه شيء فليسألنا ندع له. قال: فأومأت امرأة إلى لسانها. قال: فدعا لها. قالت: فلربما قالت لي: يا عائشة، أحسني صلاتك.