وأمر عمر بن عبد العزيز غلامه بأمرٍ، فغضب عمر، فقال له ابنه عبد الملك: يا أبتاه، ما هذا الغضب والاختلاط؟! فقال له عمر: إنك لمحتكم، يا عبد الملك؟ فقال له عبد الملك: لا والله، ما هو التحكم، ولكنه الحكم.
وقال عمر بن عبد العزيز: لولا أن أكون زين لي من أمر عبد الملك ما يزين في عين الوالد من الولد أنه أهل الخلافة.
ودخل عبد الملك على عمر، فقال: يا أمير المؤمنين، ماذا تقول لربك إذا أتيته وقد تركت حقاً لم يحيه، وباطلاً لم تمته؟ قال: اقعد يا بني، إن آباءك وأجدادك خدعوا الناس عن الحق، فانتهت الأمور إلي، وقد أقبل شرها، وأدبر خيرها، ولكن، أليس حسبي جميلاً ألا تطلع الشمس علي في يومٍ إلا أحييت فيه حقاً، وأمت فيه باطلاً حتى يأتيني الموت وأنا على ذلك؟ وجمع عمر بن عبد العزيز قراء أهل الشام، فقال: إني قد جمعتكم لأمر قد أهمني؛ هذه المظالم التي في يدي أهل بيتي، ما ترون فيها؟ قال: فقالوا: ما نرى وزرها إلا على من اغتصبها. قال: فقال لعبد الملك ابنه: ما ترى أي بني؟ قال: ما أرى من قدر على أن يردها فلم يردها، والذي اغتصبها إلا سواء ". قال: قال: صدقت أي بني، قال: ثم قال: الحمد لله الذي جعل لي وزيراً من أهلي عبد الملك ابني ثم دخل عبد الملك على أبيه فقال: أين وقع رأيك من رد المظالم؟ فقال عمر: على إنفاذه، أصلي الظهر - إن شاء الله - ثم أصعد المنبر، فأردها على رؤوس الناس. فقال عبد الملك: يا أمير المؤمنين، من لك بالظهر؟ ومن لك، يا أمير المؤمنين إن بقيت، أن تسلم لك نيتك للظهر؟ قال عمر: فقد تفرق الناس للقائلة، فقال عبد الملك: تأمر منادياً، فينادي: الصلاة جامعة، حتى يجتمع الناس، فأمر منادياً، فنادى، فاجتمع الناس، وقد جيء بسفط، أو جونة، فيها تلك الكتب، وفي يد عمر جلم يقصه، حتى نودي بالظهر.