فجاء رجل من الناس، فقال: إن هذا، والله، ما هو القاتل، ولكنني أنا القاتل، ولا والله، لا أقتل رجلين، قال: فقال عبد الملك: بلغني أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من أحيا نفساً بنفسه فلا قود عليه ". فخلى سبيله، وقال: ما أحسب قصته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سقطت عن عبد الملك ومر عبد الملك بن مروان بعبد الله بن عمر، وهو في المسجد، وذكر اختلاف الناس، فقال: لو كان هذا الغلام اجتمع الناس عليه. وقال: ولد الناس أبناء، وولد مروان أباً.
قال بشر أبو نصر: دخل عبد الملك بن مروان على معاوية، وعنده عمرو بن العاص، فسلم، ثم جلس، ثم يلبث أن نهض. فقال معاوية: ما أكمل مروءة هذا الفتى! فقال عمرو: يا أمير المؤمنين، إنه أخذ بأخلاقٍ أربعةٍ، وترك أخلاقاً ثلاثة: أخذ بأحسن البشر إذا خولف. وترك مزاح من لا يوثق بعقله ولا دينه، وترك مخالفة لئام الناس، وترك من الكلام ما يعتذر منه.
وقالت أمر الدرداء لعبد الملك بن مروان: يا أمير المؤمنين، مازلت أتخيل هذا الأمر فيك مذ رأيتك. قال: وكيف ذاك؟ قالت: ما رأيت أحسن منك محدثاً، ولا أعلم منك مستمعاً.
حدث شيخ كان يجالس سعيد بن المسيب قال: مر به يوماً ابن زمل العذري، ونحن معه، فحصبه سعيد، فجاءه، فقال له سعيد: بلغني أنك مدحت هذا، وأشار نحو الشام - يعني عبد الملك، قال: نعم يا أبا محمد، قد مدحته، أفتحب أن تسمع القصيدة؟ قال: نعم، اجلس، فأنشده حتى بلغ: من الوافر