أصم أم يسمع غطريف اليمن ... أم فاز فاز لم به شأو العنن
يافاضل الخطة أعيت من ومن ... أتاك شيخ الحي من آل سنن
فلما سمع شعره رفع رأسه، وقال: عبد المسيح، على جمل مشيح، إلى سطيح، وقد أوفى على ضريح، بعثك ملك بني ساسان، لارتجاس الإيوان، وخمود النيران، ورؤيا الموبذان؛ رأى إبلاً صعاباً، تقود خيلاً عراباً، قد قطعت دجلة، وانتشرت في بلادها.
يا عبد المسيح، إذا كثرت التلاوة، وظهر صاحب الهرواة، وخمدت نار فارس، وغاضت بحيرة ساوة، وفاض وادي السماوة فليس الشام لسطيح شاماً، يملك منهم ملوك وملكات، على عدد الشرفات، وكل ماهو آت آت. ثم قضى سطيح مكانه، ووثب عبد المسيح الغساني يقول: من البسيط
إن يمس ملك بني ساسان أفرطهم ... فإن ذا الدهر أطوار دهارير
فربما ربما أضحوا بمنزلةٍ ... تهاب صولهم الأسد المهاصير
فالخير والشر مقرونان في قرنٍ ... فالخير متبع والشر محذور
فلما قدم عبد المسيح على كسرى أخبره بقول سطيح، فقال كسرى: إلى أن يملك منا أربعة عشر ملكاً قد كانت أمور. قال: فملك منهم عشرة في أربع سنين والباقون إلى آخر خلافة عثمان.
قالوا: لما انصرف خالد بن الوليد من اليمامة ضرب عسكره علىالجرعة التي بين الحيرة والنهر، وتحصن منه أهل الحيرة في القصر الأبيض، وقصر ابن بقيلة. فبعث إليهم: ابعثوا إلي رجلاً من عقلائكم أسائله، ويخبرني عنكم. فبعثوا إليه عبد المسيح بن عمرو بن قيس بن حيان بن بقيلة الغساني، وهو يومئذ ابن خمسين وثلاثمائة سنة. فلما رآه خالد قال: مالهم، أخزاهم الله، بعثوا إلي رجلاً لا يفقه فلما دنا من خالد قال: أنعم صباحاً