غاب عبيد الله إلى الشام، ولحق بمعاوية، ثم مات أبوها، فزوجها أخوها وأمها رجلاً يقال له: عكرمة بن خبيص، فدخل بها، فبلغ ذلك عبيد الله بن الحر، فقدم من الشام، فخاصمه إلي علي، فلما دخل على علي قال لعبيد الله: أظاهرت علينا عدونا، ولحقت بمعاوية، وفعلت، وفعلت؟؟ فقال له عبيد الله: ويمنعني ذلك من عدلك؟ قال: لا فقص عليه القصة، فرد عليه امرأته، وقضي بها له. فقالت المرأة لعلي: أقضيت بي لعبيد الله؟ قل: نعم، قالت: فأنا أحق بمالي أم عبيد الله؟ فقال: بل أنت أحق بمالك، قالت: فأشهد أن ما كان لي على عكرمة من شيء فهو له. قال: وكانت المرأة حبلى، فوضعها علي يدي عدلٍ، فلما وضعت ألحق الولد بعكرمة، ودفع المرأة إلى عبيد الله.
روى عبد الرحمن بن جندب الأزدي: أن عبيد الله بن زياد بعد قتل الحسين تفقد أشراف أهل الكوفة، فلم ير عبيد الله بن الحر، ثم جاءه بعد أيام حتى دخل عليه، فقال: أين كنت يابن الحر؟ قال: كنت مريضاً، قال: مريض القلب أو مريض البدن؟ قال: أما قلبي فلم يمرض، وأما بدني فقد من الله على العافية. فقال له ابن زياد: كذبت، ولكنك كنت مع عدوي، قال: لو كنت مع عدوك، لرئي مكاني، وما مثل مكاني يخفى ثم خرج حتى أتى منزل أحمد بن زياد الطائي، فاجتمع إليه في منزله أصحابه، ثم خرج حتى أتى كربلاء، فنظر إلى مصارع القوم، فاستغفر لهم. ثم مضى حتى نزل المدائن.
ومن قوله في ذلك: من الطويل
يقول أمير غادر حق غادر ... ألا كنت قاتلت الشهيد ابن فاطمة
ونفسي على خذلانه واعتزاله ... وبيعة هذا الناكث العهد لائمة
فيا ندمي ألا أكون نصرته ... ألا كل نفس لا تسدد نادمة
وإني لأني لم أكن من حماته ... لذو حسرةٍ ما إن تفارق لازمه
سقى الله أرواح الذين تآزروا ... على نصره سقيا من الغيث دائمة