كان جرير مع عبيد الله بن رباح، وكانوا في الدرب، وكان عبيد الله أمير الجيش، فأصاب الناس برد شديد، قال: فقال جرير لعبيد الله بن رباح: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من لا يرحم الناس لا يرحمه الله "، قال: فكتب عبيد الله إلى معاوية بالذي قال جرير، قال: فقال معاوية: ابعث إلي بجرير، قال: فبعث، فقدم على معاوية، فقال: ما حديث ترويه عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: نعم، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ يقول " من لا يرحم الناس لا يرحمه الله " قال: أنت سمعته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: أنا سمعته؟ قال: لا جرم، لأوسعنهم طعاماً ولحماً، ولا يشتو لي جيش وراء الدرب بعدها أبداً. قال: فبعث إليهم القطائف والأكسية والثياب قال محمد بن إسحاق: ادعى نصر بن الحجاج بن علاط السلمي عبد الله بن رباح مولى خالد بن الوليد، فقام عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فقال: مولاي، ولد على فراشي، مولاي فقال نصر: أخي، أوصاني بمنزله. قال: فطالت خصومتهم، فدخلوا على معاوية، وهو تحت فراشه، فادعيا، فقال معاوية: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " الولد للفراش، وللعاهر الحجر "، فقال نصر: فأين قضاؤك هذا يا معاوية في زياد؟ فقال معاوية: قضاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خير من قضاء معاوية.
فكان عبد الله بن رباح لا يجيب نصراً إلى ما يدعي. فقال نصر: من الطويل
أبا خالدٍ خذ مثل مالي وراثة ... وخذني أخا عند الهزاهز شاهدا
أبا خالدٍ لا تجعلن بناتنا ... إماء لمخزومٍ وكن مواجدا
أبا خالدٍ إن كنت تخشى ابن خالد ... فلم يكن الحجاج يرهب خالدا
أبا خالد لا نحن نار ولاهم ... جنان ترى فيها العيون رواكدا