أبت لي عفتي وأبى بلائي ... وأخذي الحمد بالثمن الربيح
وإعطائي على الإعدام مالي ... وإقدامي على البطل المشيح
وقولي كلما جشأت وجاشت ... مكانك تعذري أو تستريحي
لأدفع عن مآثر صالحاتٍ ... وأحمي بعد عن أنفٍ صحيح
وكتب إلى أبيه: أن روه الشعر. فرواه، فما كان يسقط عليه من شيء ولي معاوية عبيد الله بن زياد البصرة سنة خمسٍ وخمسين، فلم يزل والياً حتى مات معاوية بدمشق، فلما قام يزيد بن معاوية أقر عبيد الله بن زياد على البصرة، وضم إليها الكوفة، فبنى في سلطان بن يزيد البيضاء، وعلق عليها باب قصر الأبيض، أبيض كسرى، وهو المحبس، وبنى الحمراء، وهي على سكة المربد؛ فكان يشتو في الحمراء، ويصيف في البيضاء - يعني بالكوفة - فلم يزل على البصرة حتى هلك يزيد بن معاوية بحمص، فلما خرج الناس على عبيد الله بن زياد تراضوا بعبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، ويلقب: ببه.
وروى الأصمعي أن معاوية قال للناس: كيف ابن زياد فيكم؟ قالوا: ظريف على أنه يلحن، قال: فذاك أظرف له. يريد باللحن: أفقه، يقول: ألحن بحجته.
قال ابن قتيبة: أراد القوم اللحن الذي هو الخطأ، وذهب معاوية إلى اللحن الذي هو الفطنة. قال: والأول بسكون الحاء، والثاني بفتحها.
ولي معاوية عبيد الله بن زياد خراسان سنة ثلاث وخمسين. وفي سنة أربع وخمسين غزا عبيد الله بن زياد خراسان، فقطع النهر إلى بخارى على الإبل، فكان أول عربي قطع