للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأخرت عن الموعد، قلت: بكرت، فمرت بهذا المسترشد، فدعاني، فرحمته لوحدته، وهو أعلى إسناداً منك، وضربت أنت بالدست.

قال أبو زرعة: كنا نبكر بالأسحار إلى مجالس الحديث نسمع من الشيوخ، فبينا أنا يوماً من الأيام قد بكرت - وكنت حدثا - إذ لقيني في بعض طرق الري - في موضع قد سماه أبي ونسيته أنا - شيخ مخضوب بالحناء، فسلم علي، فرددت عليه السلام، فقال لي: يا أبا زرعة، سيكون لك شأن، وذكر، فاحذر أن تأتي أبواب الأمراء. ثم مضى الشيخ، ومضى لهذا الحديث دهر وسنين كثيرة، وصرت شيخاً كبيراً، ونسيت ماأوصاني به الشيخ. وكنت أزور الأمراء. وأغشى أبوابهم. فبينا أنا يوماً وقد بكرت أطلب دار الأمير في حاجة عرضت لي إليه فإذا أنا بذلك الشيخ الخضيب بعينه في ذلك الموضع، فسلم علي كهيئة المغضب، وقال لي: ألم أنهك عن أبواب الأمراء أن تغشاها؟ ثم ولي عني، فالتفت، فلم أره، وكأن الأرض انشقت، فابتلعته، فخيل إلي أنه الخضر، فرجعت من وقتي، فلم أزر أميراً، ولا غشيت بابه، ولا سألته حاجة.

قال أبو جعفر التستري: حضرنا أبا زرعة بما شهران، وكان في السوق، وعنده أبو حاتم، ومحمد بن مسلم، والمنذر بن شاذان، وجماعة من العلماء، فذكروا حديث التلقين، وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله "، فاستحيوا من أبي زرعة، وقالوا - وفي رواية: وهابوا أن يلقنوه، فقالوا: - تعالوا نذكر الحديث، فقال محمد بن مسلم: حدثنا الضحاك بن مخلد، عن عبد الحميد بن جعفر، عن صالح، وجعل يقول: ابن أبي ولم يجاوز، وقال أبو حاتم: نا نبدار، نا أبو عاصم نا عبد الحميد بن جعفر، عن صالح، ولم يجاوز، والباقون سكتوا. فقال أبو زرعة وهو في السوق: حدثنا بندار، نا أبو عاصم، نا عبد الحميد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>