للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تكثر على أمير المؤمنين فتمله، قال: يا بني إن أمير المؤمنين كما قال الشاعر وذكر هذين البيتين، فأمر له معاوية بمئة ألف أخرى.

قال عيسى بن عمر: وفد أبو الجهم بن حذيفة على معاوية بن أبي سفيان فقال له: يا أبا الجهم إن لك حقاً وقرابة وشرفاً، وإن مع حقك لحقوقاً، وإن مع قرابتك لقرابة، وإنه ليلزمنا مؤن عظيمة، ولكن هذه مئة ألف درهم، فخذها واعذر. قال أبو الجهم: فقبضها على مضض، وقلت في نفسي: ما عسى أن أقول له، رجل ناء عن بلاد قومه، وقد تخلق بأخلاق أهل الشام الجفاة الأغفال، فأخذتها على أنه قد قصر بي، فلما استخلف يزيد، صرت إليه وافداً، فأقمت أياماً، ثم قال: إني بحقك عارف وقرابتك وشرفك، وإن مع حقك علينا لحقوقاً ومؤناً لا نستطيع دفعها، وأنت أولى من عذر ابن أخيه، هذه خمسون ألف درهم فاقبضها واعذر. فقلت في نفسي: غلام حدث نشأ مع غير قومه، وسكن غير بلده، وهو مع هذا فابن كليبة، فأي خير يرجى منه؟ فأخذها على أنه قد قصر بي، فلما استخلف عبد الله بن الزبير قلت: هذا بقية قريش البطاح، فوفدت عليه فأقمت أياماً، ثم قال لي: يا أبا الجهم، مهما جهلت فلم أجهل حقك وقرابتك وشرفك، غير أن مؤناً علينا وغرماً وحمالات وأموراً يطول شرحها، ومع ذلك فغير مخيب لسفرك، هذه ألف درهم فاستعن بها على أمورك. قال أبو الجهم: فقبضها فرحاناً بها، ثم مثلت بين يديه فقلت: يا أمير المؤمنين مد الله لقريش في بقائك، ودافع لنا عن حوبائك، ولا امتحننا بفقدك، فوالله لا زالت قريش بخير ما مد الله لها في عمرك. فقال ابن الزبير: جزاك الله عن الرحم خيراً، فما قلت هذا لمعاوية وقد أعطاك مئة ألف، ولا قلته ليزيد وقد أعطاك خمسين ألفاً، وقد قلت لنا وإنما أعطيناك ألف درهم! فقال: نعم يا أمير المؤمنين، من أجل ذلك قلت

<<  <  ج: ص:  >  >>