تقدر ترد شبابي علي فما أسألك؟ قال له معاوية: فأخبرني بما يكون بعدي؟ ثم انصرف ورجع، فقال: سألتني عن شيء لم أكن أعلمه ثم علمته، مررت بغلمان يستبقون يقول بعضهم لبعض: الآخر أشر. فقال معاوية: هل رأيت حرباً؟ قال: رأيت أمية يقوده غلام له يقال له: ذكوان، فقال له: لا تقل ذاك، فإنهم سادة الحي، فقال قل أنت ما شئت.
وقيل إنه عاش مئتين وعشرين سنة. وإن معاوية قال له: كم أتى عليك؟ قال مئتان وعشرون سنة قال: ومن أين علمت ذلك؟ قال من كتاب الله تعالى. قال: ومن أي كتاب الله تعالى؟ قال: من قول الله تعالى: " وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب " فقال له معاوية: وما أدركت؟ قال: أدركت يوماً في إثر يوم، وليلة في إثر ليلة متشابهاً كتشابه الحذف يحدوان بقوم في ديار قوم يكدحون ما يبيد عنهم، ولا يعتبرون بما مضى منهم، حيهم يتلف، ومولودهم يخلف، في دهر يصرف، أيامه تقلب بأهلها كتقلبها دهرها، بينا أخوه في الرخاء إذ صار في البلاد، وبينا هو في الزيادة إذ أدركه النقصان، وبينا هو حر إذ أصبح قنا، لا يدوم على حال، بين مسرور بمولود، ومخزون بمفقود. قال: أخبرني عن المال، أيه أحسن في عينك؟ قال: أحسن المال في عيني وأنفعه غناء وأقله غناء، وأجداه على العامة: عين خرارة في أرض خوارة، إذا استودعت أدت، وإذا استحلبتها درت وأفعمت، تعول ولا تعال.
وفي آخره قال: فأخبرني عن قيامك وقعودك وأكلك وشربك ونومك وشهوتك للباه؟ قال: أما قيامي فإن قمت فالسماء تبعد، وإن قعدت فالأرض تقرب فالأرض تقرب، وأما أكلي وشربي فإني إن جعت كلبت، وإن شربت بهرت، وأما نومي فإن حضرت مجلساً