من أحسن الناس وجهاً، على فرس أبلق، ما أراه في القوم، فقال الأنصاري: أنا أسرته يا رسول الله، فقال: اسكت فقد أيدك الله بملك كريم. فقال علي: فأسرنا من بني عبد المطلب العباس وعقيل ونوفل بن الحارث.
قال سعيد بن المسيب: كان ابن البرصاء الليثي من جلساء مروان بن الحكم ومحدثيه، فكان يسمر معه، فذكروا عند مروان الفيء، فقالوا: مال الله، وقد سن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قسمه، ووضعه عمر بن الخطاب مواضعه. فقال مروان: المال مال أمير المؤمنين معاوية، يقسمه لمن شاء، ويمنعه ممن شاء، ما أمضى فيه من شيء فهو مصيب، فخرج ابن البرصاء فذكر ذلك لسعد بن أبي وقاص. قال سعيد بن المسيب: فلقيني سعد وأنا أريد المسجد، فضرب عضدي ثم قال: الحقني تربت يداك، فخرجت معه لا أدري حتى دخلت على مروان في داره، فلم أهب مثل هيبتي له، وجلست لئلا يعلم مروان أني كنت مع سعد، فقال له سعد لما دخل عليه قبل أن يسلم: أنت الذي تزعم أن المال مال معاوية؟ فقال مروان: فقلت ذلك، فمه؟ فردها الثانية، قال: فقلت ذلك فمه؟ فردها الثالثة، قال: فقلت ذلك فمه؟ قال: فرفع سعد يديه إلى الله عز وجل يدعو، فزال رداؤه عنه، وكان أسعر، بعيد ما بين المنكبين، فوثب إليه مروان فأمسك يديه وقال: اكفف عني يدك أيها الشيخ، إنا حملنا على أمر فركبناه، وليس الأمر كذلك. قال سعد: أما والله لو لم تنزع ما زلت أدعو عليك حتى يستجاب لي أو تنفرد هذه السالفة.
فلما خرج سعد ثبت في مجلسي عند مروان، فقال: من ترون قال لهذا الشيخ ما قلت؟ قالوا: ابن البرصاء الليثي. فأرسل إليه، فأتي به، فقال: ما حملت على أن قلت لهذا الشيخ ما قلت؟ قال الليثي: ذلك حق، قلت: ماكنت أظنك تجترىء على الله عز وجل، وتفرق من سعد! فقال له مروان: أوكل ما سمعت تكلمت به؟ أما والله لتعلمن. ثم أمر أن يجرد من ثيابه، فجرد من ثيابه وبرز بين يديه: فبينما نحن على ذلك إذ دخل حاجبه فقال: هذا أبو خالد حكيم بن حزام، قال: ائذن له. ثم قالوا: ردوا عليه ثيابه، آخرجوه عنا، لا يهيج علينا هذا الشيخ، كما فعل بالآخر قبله، فلما دخل حكيم بن