ودفع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مفتاح الكعبة إليه وإلى شيبة بن عثمان بن أبي طلحة وقال: خذوها يا بني أبي طلحة خالدة تالدة، لا يأخذها منكم إلا ظالم.
فبنو أبي طلحة هم الذين يلون سدانة الكعبة دون بني عبد الدار. وأم عثمان بن طلحة أم سعيد بنت سهيل من بني عمرو بن عوف.
قال عثمان بن طلحة: لقيني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة قبل الهجرة فدعاني إلى الإسلام، فقلت: يا محمد، العجب لك حيث تطمع أن أتبعك وقد خالفت دين قومك، وجئت بدين محدث، ففرقت جماعتهم وألفتهم، وأذهبت بهاءهم. فانصرف، وكنا نفتح الكعبة في الجاهلية يوم الاثنين والخميس، فأقبل يوماً يريد أن يدخل الكعبة مع الناس، فغلظت عليه، ونلت منه، وحلم عني، ثم قال: يا عثمان، لعلك سترى هذا المفتاح يوماً بيدي أضعه حيث شئت. فقلت: لقد هلكت قريش يومئذ وذلت. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بل عمرت وعزت يومئذ. ودخل الكعبة، فوقعت كلمته مني موقعاً ظننت يومئذ أن الأمر سيصير إلى ما قال: قال: فأردت الإسلام ومقاربة محمد، فإذا قومي يزبروني زبراً شديداً، ويزرون برأيي، فأمسكت عن ذكره، فلما هاجر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المدينة جعلت قريش تشفق من رجوعه عليها، فهم على ما هم عليه حتى جاء النفير إلى بدر، فخرجت فيمن خرج من قومنا، وشهدت المشاهد كلها معهم على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فلما دخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة عام القضية غير الله قلبي عما كان عليه، ودخلني الإسلام، وجعلت أفكر فيما نحن عليه، وما نعبد من حجر لا يسمع ولا يبصر ولا ينفع ولا يضر، وأنظر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه وظلف أنفسهم عن الدنيا، فيقع ذلك مني فأقول: ما عمل القوم إلا على الثواب لما يكون بعد الموت، وجعلت أحب النظر إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أن رأيته خارجاً من باب بني شيبة يريد منزلة بالأبطح، فأردت أن آتيه وآخذ بيده وأسلم عليه، فلم يعزم لي على ذلك، وانصرف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ راجعاً إلى المدينة، ثم عزم على الخروج إليه، فأدلجت إلى بطن