الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غضب غضباً أُسقطت في جلدي وقلت في نفسي: اللهم إنك إن أذهبت غضب رسول الله عني لم أعد أذكرها بسوء ما بقيت. فلما رأى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما لقيت قال: كيف قلت؟ والله لقد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وآوتني إذ رفضني الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس ورزقت مني الولد إذ حرمتموه مني. قالت: فغدا وراح علي بها شهراً.
ولما هلكت خديجة جاءت خولة بنة حكيم امرأة عثمان بن مظعون قالت: يا رسول الله ألا تزوج؟ قال: من؟ قالت: إن شئت بكراً وإن شئت ثيباً. قال: فمن البكر؟ قالت: ابنة أحب خلق الله إليك، عائشة بنة أبي بكر. قال: وممن الثيب؟ قالت: سودة بنت زمعة قد آمنت بك واتبعتك على ما تقول. قال: فاذهبي فاذكريها علي. فدخلت بيت أبي بكر فقالت: يا أم رومان، ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة؟! قالت: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخطب عليه عائشة. قالت: انتظري أبا بكر حتى يأتي. فجاء أبو بكر قالت: يا أبا بكر ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة؟! قال: وماذا؟ قالت: أرسلني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخطب عليه عائشة. قال: وهل تصلح له، إنما هي بنت أخيه، فرجعت إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكرت ذلك له. فقال: ارجعي إليه فقولي له: أنا أخوك في الإسلام، وأنت أخي في الإسلام، وابنتك تصلح لي، فرجعت فذكرت ذلك له. قال: انتظري، وخرج. قالت أم رومان: إن مُطعم بن عدي قد كان ذكرها على ابنه؛ فوالله ما وعد وعداً قط فأخلفه لأبي بكر.
فدخل أبو بكر على مطعم بن عدي وعنده امرأته أم الفتى فقالت: يا بن أبي قحافة، لعلك مصبىء صاحبنا فمدخله في دينك الذي أنت عليه إن تروّح إليك، قال أبو بكر للمطعم بن عدي: أقولٌ هذه تقول؟ قال: إنها تقول ذلك. فخرج من عنده، وقد أذهب الله ما كان في نفسه من عدته التي وعده، فرجع فقال لخولة: ادعي لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدعته فزوجها إياه، وعائشة يومئذ ست سنين. ثم خرجت، فدخلت على سودة بنة زمعة فقالت: ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة؟! قالت: وما ذلك؟ قالت: أرسلني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخطبك عليه. قالت: وددت. ادخلي إلى أبي فاذكري ذلك له وكان شيخاً كبيراً قد أدركته السن قد تخلف عن الحج فدخلت عليه فحيته بتحية الجاهلية فقال: من هذه؟ فقالت: خولة بنة حكيم.