العاص، وهشام بن العاص، وعدي بن كعب، ونعيم بن عبد الله بن النحام، فقدمنا على جبلة بن الأيهم دمشق، فأدخلنا على ملكهم بها الرومي، فإذا هو على فرش له مع الأسقف، فأجلسنا وبعث إلينا رسوله، وسألنا أن نكلمه، فقلنا: لا والله لا نكلمه برسول بيننا وبينه، فإن كان في كلامنا حاجة فليقربنا منه. فأمر بسلم فوضع ونزل إلى فرش له في الأرض، فقربنا، فإذا هو عليه ثياب سود مسوح، فقال له هشام بن العاص: ما هذه المسوح التي عليك؟ قال: لبستها ناذراً أن لا أنزعها حتى أخرجكم من الشام. فقلنا: بل نملك مجلسك وبعده ملككم الأعظم، فوالله لنأخذنه إن شاء الله، فإنه قد أخبرنا بذلك نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصادق البار. قال: إذاً أنتم السمراء. قلنا: وما السمراء؟ قال: لستم بها. قلنا: ومن هم؟ قال: الذين يقومون الليل ويصومون النهار. قال: فقلنا: نحن والله هم. قال: فقال: وكيف صومكم وصلاتكم وحالكم؟ فوصفنا له أمرنا، فنظر إلى أصحابه وراطنهم، وقال لنا: ارتفعوا. ثم علا وجهه سواد حتى كأنه قطعة مسح من شدة سواده، وبعث معنا رسلاً إلى ملكهم الأعظم بالقسطنطينية.
فخرجنا إلى مدينتهم ونحن على رواحلنا، علينا العمائم والسيوف، فقال لنا الذين معنا: إن دوابكم هذه لا تدخل مدينة الملك، فإن شئتم جئنا ببراذين وبغال؟ قلنا: لا والله، لا ندخلها إلا على رواحلنا فبعثوا إليه يستأذنونه فأرسل إليهم أن خلوا سبيلهم ودخلنا على رواحلنا حتى انتهينا إلى غرفة مفتوحة الباب، فإذا هو فيها جالس ينظر، قال: فأنخنا تحتها ثم قلنا: لا إله إلا الله والله أكبر. فيعلم الله لانتفضت حتى كأنها نخلة يصفقها الريح، فبعث إلينا رسولاً: إن هذا ليس لكم أن تجهزوا بدينكم في بلادنا