بينما العريان يطوف ليلة بالكوفة، لقي شاباً سكران وهو يتغنى، فقال له: من أنت؟ فقال: من الطويل
أنا ابن الذي لا ينزل الدهر قدره ... وإن نزلت يوماً فسوف تعود
فقال: خلّوا سبيله، وظنّ أنه شريف من أشراف الكوفة. فلما أصبح حدث بحديثه في مجلسه، فقال: وددت أني كنت عرفته؛ فقال له رجل من الشرط، أتحب أصلحك الله أن آتيك به؟ قال: وتعرفه؟ قال: نعم أصلحك الله أبوه يبيع الباقلاء في جبانة عرزم، قال: عليّ به الساعة. قال: فأتاه به، فأدخله عليه، فقال له:
أنا ابن الذي لا ينزل الدهر قدره البيت......
فقال: أصلحك الله، فما كذبتك، إن أبي يبيع الباقلاء، فإذا أنزلت قدره فباع ما فيها أعادها؛ فضحك، وضحك جلساؤه، وعجبوا من ظرفه.
أتي العريان بن الهيثم بن الأسود النّخعيّ بشابين قد جنيا جناية، فضرب أحدهما، وأمر بتجريد الآخر؛ وشدّ إزاره على وسطه وهو يقول: من الوافر
فقلت لمذحج قوموا فشدّوا ... مآزركم فقد برح الخفاء
فإن الحرب يجنيها رجالٌ ... ويصلى حرّها قومٌ براء
فقال له العريان: من قائل هذا الشعر؟ قال: الهيثم بن الأسود النخعي، فضحك وقال: ما أراك إلاّ مظلوماً، خلّوا سبيله.