وقوله: صار بثنيّةً وعسلاً، فيه قولان: يقال: البثنيّة: حنطةٌ منسوبة إلى بلد بالشام معروفة من دمشق يقال لها: البثنيّة. والقول الآخر: أراد بالبثنية اللّينة، وذلك أن الرملة اللّيّنة يقال لها: بثنة، وتصغيرها: بثينة، ومنها سميت المرأة بثينة، فأراد خالدٌ أن الشام لما اطمأن وذهبت شوكته وسكنا لحرب فيه، وصر ليناً لا مكروه فيه إنما هو خصيب كالحنطة والعسل. وعزلني استعمل غيري. وفي رواية: فلما ألقى الشام بوانيه وصار سمناً وعسلاً، أراد أن يؤثر به غيري.
وقوله: وكان الناس بذي بليّ وذي بلّى، فإنه أراد: تفرق الناس وأن يكونوا طوائف مع غير إمام يجمعهم ويعدي بعضهم من بعض، وكذلك كل من بعد منك حتى لا تعرف موضعه، فهو بذي بليّ وفيه لغة أخرى، بذي بليّان، وذي بليّان، وكان الكسائي ينشد في صفة رجل يطيل النوم: من الوافر
ينام ويذهب الأقوم حتى ... يقال أتوا على ذي بليّان
يعني: أنه أطال النوم، ومضى أصحابه في سفرهم حتى صاروا إلى موضع لا يعرف مكانهم من طول نومه.
ورواه بعضهم: ألقى الشام نواتيه. وليس بشيء، إنما النواتي في كلام أهل الشام: الملاحون الذين في البحر خاصة.
وعزرة: العين غير معجمة والزاي ساكنة منقوطة والراء غير معجمة.