وأسكنته جنتك التي خلقتها بيدك، ثم أمرته فعصاك، وأخرجته من الجنة، وقضيت عليه الموت وعلى ولده من بعده، فلما عصاك وأخرجته من الجنة فلم تخرج منه الضعف الذي به عصاك، وأخرجت منه ذريتهم، فلم تخرج ذلك الضعف من ذريته الذي يعصيك به الخاطئون، ثم اخترت من ذريته نوحاً وأهلكت به البرية بدعوته لكفرهم بك، ثم اخترت من ولد نوح إبراهيم، ومن ولد إبراهيم إسحاق، ومن ولد إسحاق يعقوب، ثم أخرجت آل يعقوب من مصر، ورغبت بهم عنها، وبوأتهم الشام، ثم أنزلت عليهم كتابك، وعهدت إليهم عهدك، ثم اخترت داود ثم سليمان من بعده، فأمرت ببناء بيتك المقدس من مالك، فسخرت له الإنس والجن والشياطين؛ فبنى ذلك البيت ليذكر فيه اسمك، ويسبحك من خلقك؛ فعصاك أهل ذلك البيت، وليسوا بأول من عصاك؛ فعاقبتهم على معصيتك، فسلطت عليهم من قتل أنبياءك وخرّب بيتك، وأحرق كتابك الذي أنزلت، وأذل أولياءك وأعز به أعداءك؛ فعجب يا رب كيف أسلمت أولياءك وأعززت أعداءك؟ وعجب ما الذي ينفعنا أن نسمّى أولياءك ونحن عبيد لأعدائك وخولٌ لأهل معصيتك؟! فكيف هذا يا رب؟! وعن ابن عباس: أن عزيراً سأل الله عز وجل فقال: يا رب أنت خلقت الشر وقدّرته، فلم تعذب عليه؟ فأوحى الله تعالى إليه:" يا عزير، أعرض عن هذا وإلا محوت اسمك من اسم النبوة "، فأعاد عزير القول ثلاث مرات؛ فمحا الله اسمه من النبوة.
فما بعث عيسى عليه السلام سأل عن مثل ما سأل عنه عزير؛ فأوحى الله إليه:" يا بن العذراء البتول: إنه غيبي مكتوبٌ تحت عرشي المكنون ".
وعن رجاء بن سويد: أن عيسى بن مريم سأل ربه فقال: يا رب إنك عدل وقضاؤك عدل، فكيف تقضي