للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولاً فيه. فقال: بلى قد زعم أصحابك أنا خدع من الجن، وليس الأمر كذلك. إنما الخدع في حال السكون إليها، فأما من لم يقترح ذلك ولم يساكنها فتلك مرتبة الربانيين.

كان أبو تراب يقول: من كان غناه بماله لم يزل فقيراً، ومن كان غناه في قلبه لم يزل غنياً، ومن كان غناه بربّه فقد قطع عنه اسم الفقر والغنى، لأنه دخل في حيّز ما لا وصف له.

قال أبو تراب: إذا ألفت القلوب الإعراض عن الله صحبتها الوقيعة في أولياء الله.

قال أبو تراب: وقفت خمساً وعشرين وقفة، فلما كان من قابل رأيت الناس بعرفات ما رأيت قط أكثر منهم، ولا أكثر خشوعاً وتضرعاً ودعاءً، فأعجبني ذلك، فقلت: اللهم من لم تتقبل حجّته من هذا الخلق فاجعل ثواب حجّتي له، وأفضنا من عرفات وبينا نجمع رأيت في المنام هاتفاً يهتف بي: " تتسخى وأنا أسخى الأسخياء، وعزتي وجلالي ما وقف هذا الموقف أحد قط إلا غفرت له "، فانتبهت فرحاً بهذه الرؤية، فرأيت يحيى بن معاذ الرازي وقصصت عليه الرؤيا، فقال: إن صدقت رؤياك فأنت تعيش أربعين يوماً. فلما كان يوم إحدى وأربعين جاؤوا إلى يحيى بن معاذ فقالوا: إن أبا تراب مات، فغسله ودفنه.

قال إبراهيم الخواص: مات أبو تراب بين مكة والمدينة، نهشته السباع سنة خمس وأربعين ومئتين بالبادية.

<<  <  ج: ص:  >  >>