انتدب ثلاثة نفر من الخوارج: عبد الرحمن بن ملجم المرادي، وهو من حمير، والبرك بن عبد الله التميمي، وعمرو بن بكير التميمي، فاجتمعوا بمكة، وتعاهدوا، وتعاقدوا ليقتلنّ هؤلاء الثلاثة: علي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، ويريحوا العباد منهم، فقال عبد الرحمن بن ملجم: أنا لكم بعلي بن أبي طالب، وقال البرك، أنا لكم بمعاوية، وقال عمرو بن بكير: أنا أكفيكم عمرو بن العاص، فتعاهدوا على ذلك، وتعاقدوا، وتواثقوا ألاّ ينكص رجل منهم على صاحبه الذي سمّى، ويتوجه إليه حتى يقتله، أو يموت دونه، فاّتعدوا بينهم ليلة سبع عشرة من بدر رمضان، ثم توجه كل رجل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه، فقدم عبد الرحمن بن ملجم الكوفة، فلقي أصحابه من الخوارج، فكاتمهم ما يريد، وكان يزورهم ويزورونه، فزار يوماً نفراً من بني تيّم الرباب، فرأى امرأى منهم يقال لها قطام بنت شجنة بن عدي بن عامر وكان علي قتل أباها وأخاها يوم النهروان فأعجبته فخطبها، فقالت: لا أتزوجك حتى تشتفي لي فقال: لا تسأليني شيئاً إلا أعطيتك، فقالت: ثلاثة آلاف، وقتل علي بن أبي طالب، فقال: والله ما جاء بي إلى هذا المصر إلا قتل علي بن أبي طالب، وقد أعطيتك ما سألت. ولقي عبد الرحمن بن ملجم شبيب بن بجرة الأشجعي، فأعلمه ما يريد، ودعاه إلى أن يكون معه فأجابه إلى ذلك، وظلّ عبد الرحمن تلك الليلة التي عزم فيها أن يقتل علياً في صبيحتها يناجي الأشعث بن قيس الكندي في مسجده، حتى كاد يطلع الفجر، فقال له الأشعث، فضحك الصبح، فقام عبد الرحمن بن ملجم وشبيب بن بجرة فأخذا أسيافهما، ثم جاءا حتى جلسا مقابل السدّة التي يخرج منها علي. قال الحسن بن علي: وأتيته سحراً، فجلست إليه فقال: إني بتّ الليلة أوقظ أهلي، فملكتني عيناي وأنا جالس، فسنح لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت: يا رسول الله، ما لقيت من أمت من الأود واللّدد! فقال لي:" ادع عليهم "، فقلت: اللهم، أبدلني بهم خيراً لي منهم، وأبدلهم بي شراً لهم مني، ودخل ابن النّبّاح المؤذن على ذلك، فقال: الصلاة، فأخذت بيده فقام يمشي، ابن النّبّاح بين يديه، وأنا خلفه. فلما خرج من الباب نادى: أيها الناس، الصلاة، الصلاة، كذلك كان يصنع في كل يوم يخرج، ومعه درّته يوقظ