والله لقد قتلتم الليلة رجلاً في ليلة نزل فيها القرآن، وفيها رفع عيسى بن مريم، وفيها قتل يوشع بن نون فتى موسى، وفيها تيب على بني إسرائيل. والله ما سبقه أحد كان قبله، ولا لحقه أحد كان بعده، وإن كان النبي صلّى الله عليه وسلّم ليبعثه في السّرية، جبريل عن يمينه، وميكائيل عن يساره. والله ما ترك صفراء ولا بيضاء، إلا ثماني مئة درهم، أو سبع مئة درهم أرصدها لخادم يشتريها.
وعن المغيرة قال: لما جيء معاوية بنعي علي، وهو قائل مع امرأته فاختة بنت قرظة في يوم صائف قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ماذا فقدوا من العلم، والحلم، والفضل، والفقه، فقالت امرأته: أنت بالأمس تطعن في غيبته، وتسترجع اليوم عليه؟! قال: ويلك! لا تدرين ماذا فقدوا من علمه، وفضله وسوابقه.
وكانت سودة بنت عمار تبكي علياً، وقالت: البسيط
صلى الإله على جسمٍ تضمّنه ... قبرٌ فأصبح فيه الجود مدفونا
قد حالف الحقّ لا يبغي به بدلاً ... فصار بالحقّ والإيمان مقرونا
قال أبو عياض مولى عياض بن ربيعة الأسدي: أتيت علي بن أبي طالب، وأنا مملوك، فقلت: يا أمير المؤمنين، ابسط يدك أبايعك. فرفع رأسه إلي، فقال: ما أنت؟ قلت: مملوك، قال: لا، إذاً، قلت: يا أمير المؤمنين، إنما أقول: إني إذا شهدتك نصرتك، وإن غبت نصحتك، قال: نعم، إذاً، قال: فبسط يده فبايعني.
قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: إنه سيأتيكم رجل يدعوكم إلى سبّي، وإلى البراءة مني، فأما السبّ فإنه لكم نجاة، ولي زكاة، وأما البراءة فلا تبرّؤوا مني، فإني على الفطرة.
وعن عمرو بن الأصم قال: دخلت على الحسن بن علي وهو في دار عمرو بن حريث فقلت: إن ناساً يزعمون أن علياً يرجع قبل يوم القيامة! فضحك، وقال: سبحان الله، لو علمنا ما زوجنا نساءه، ولا قسمنا ميراثه.