وعن سعد القرط قال: خرجت مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فرأيت الزنج يتراطنون حين رأوه ليس معه أحد. ولم يدر به الناس. قال: فارتقيت على نخلة فأذّنت. قال: فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ماهذا يا سعد؟! من أمرك بهذا؟! قال: قلت يارسول الله، بأبي أنت وأمي، إني رأيت الزنج يتراطنون، ولم يكن معك أحد فخفتهم عليك، فأردت أن يعلم أنك قد جئت حتى تجمع الناس. فقال: أصبت. إذ لم يكن معي بلال فأذّن. قال: وكان النجاشي قد أهدى له عنزتين، فأعطى بلالاً واحدة فكان يمشي بها بين يدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى توفي. قال فجاء بلالا إلى أبي بكر الصديق فقال: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إن أفضل أعمالكم الجهاد في سبيل الله. وقد أردت الجهاد. فقال له أبو بكر: أسألك بحقي إلا ما صبرت، إنما هو اليوم أو الغد حتى أموت. فأقام بلال معه يمشي بالعنزة بين يديه حتى توفي أبو بكر. فجاء إلى عمر فقال له كما قال لأبي بكر، فسأله عمر بما سأله أبي بكر فأبى فقال: من يؤذن؟ قال: سعد القرط، فإنه قد كان أذن بين يدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأعطاه العنزة فمشى بين يدي عمر، حتى قتل، ثم بين يدي عثمان، ثم لم يزل يمشي بها بين يدي الأمراء. هلم جراً. قال: حتى قدم أمير المؤمنين المهدي فغدونا بها. قال: وإذا بالحراب قد طلع بها من كل وجه فقلنا: إن عنزة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَلا يمشى معها بحربة. فرد الحراب ومشينا بها بي يديه حتى غرزناها في القبلة قال: وأتي بدابة يركبها إلى المصلى فقلنا له، إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج إلى المصلى ماشياً، ذاهباً وراجعاً. فهذه رواية آل سعد التي كانت هذه الحربة عندهم. وعن عروة أن هذه الحربة دفعها النجاشي إلى الزبير في بعض حروبه، فقاتل بها ثم قدم بها معه. فلما كان يوم أحد أخذها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من يده فقتل بها أبي بن خلف، فسأل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزبير: كيف كانوا يصنعون بها؟ قال: كانوا يمشون بين يديه، فدفعها إلى بلال فقال: أمشي بها بين يدي. قال: فهي في أيد المؤذنين.