للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عبد الرحمن السلمي: شهدنا صفين، فكنا إذا تواعدنا دخل هؤلاء في عسكر هؤلاء، وهؤلاء في عسكر هؤلاء، فرأيت أربعة يسيرون: معاوية بن أبي سفيان، وأبو الأعور السلمي، وعمرو بن العاص، وابنه، فسمعت عبد الله بن عمرو يقول لأبيه عمرو: قد قتل هذا الرجل، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما قال. قال: أيّ رجل؟ قال: عمار بن ياسر، أما تذكر يوم بنى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المسجد، فكنا نحمل لبنة وعمار يحمل لبنتين وأنت ترحض، أما إنك ستقتلك الفئة الباغية، وأنت من أهل الجنة، فدخل عمرو على معاوية فقال: قتلنا هذا الرجل، فقد قال فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما قال، فقال: اسكت، فوالله ما تزال ترحض في بولك، أنحن قتلناه، إنما قتله علي وأصحابه، جاؤوا به حتى ألقوه بيننا.

وعن عبد الله بن أبي الهذيل قال: لما بنى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مسجده جعل القوم يحملون وجعل النّبي صلّى الله عليه وسلّم يحمل هو وعمار، فجعل عمار يرتجز ويقول:

نحن الملمون نبتني المساجدا

وجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " المساجدا ". وقد كان عمار اشتكى قبل ذلك، فقال بعض القوم: ليموتنّ عمار اليوم، فسمعهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فنفض لبنته وقال: " ويحك يا بن سمية، تقتلك الفئة الباغية ".

وعن الحين قال: لما قدم النّبي صلّى الله عليه وسلّم المدينة قال: " ابنوا لنا مسجداً "، قالوا: كيف يا رسول الله؟ قال: " عرش كعرش موسى، ابنوه لنا بلبن "، فجعلوا يبنون ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعاطيهم اللّبن على صدره، ما دونه ثوب، وهو يقول: " اللهم، إن العيش عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة "، فمرّ عمار بن ياسر، فجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ينفض التراب عن رأسه ويقول: " ويحك يا بن سمية، تقتلك الفئة الباغية ".

وقد روي أن ذلك في حفر الخندق، كما روي عن جابر بن عبد الله أن

<<  <  ج: ص:  >  >>