للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باطل، والله لقد قاتلت بهذه الراية ثلاث مرات مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وما هذه المرة بأبرهنّ ولا أتقاهنّ.

وعن ابن البختري

أن عمار بن ياسر يوم صفين جعل يقاتل، فلا يقتل، فيجيء إلى علي فيقول: يا أمير المؤمنين، أليس هذا يوم كذا وكذا؟ فيقول: اذهب عنك؛ فقال ذلك مراراً، ثم أتي بلبن فشربه، فقال عمار: إن هذه لآخر شربة أشربها من الدنيا، أخبرني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن هذه آخر شربة أشربها من الدنيا، ثم تقدم فقاتل حتى قتل.

وحدث رجل من بني سعد قال: كنت واقفاً بصفين إلى جنب الأحنف، والأحنف إلى جنب عمار، فسمعت عماراً يقول: عهد إلي خليلي أن آخر زادي من الدنيا ضيحة لبن. فبينا نحن كذلك إذ سطع الغبار، وقالوا: جاء أهل الشام، جاء أهل الشام، وقامت السقاة يسقون الناس، فجاءته جارية، معها قدح، فناولته عماراً، فشرب ثم ناول عمار فضله الأحنف بن قيس ثم ناولني الأحنف وفي رواية: فإذا هو لبن فقلت: إن كان صاحبك صادقاً فخليق أن يقتل الآن، قال: فغشينا القوم، فتقدم عمار، فسمعته يقول: الجنة الجنة تحت الأسنّة، اليوم ألقى الأحبة محمداً وحزبه، ثم كان آخر العهد.

حدث ابن سعيد عن عمه قال: لما كان اليوم الذي أصيب فيه عمار كان الرجلان يضطربان بسيفهما حتى يفترا، فيجلسا، حتى يتروّحا، فيعودا، وربما قال: فانتصف النهار وقد ضرب الناس كلهم، فليس أحد يتحرك، فيختلطون هكذا، وشبك بين أصابعه حتى إذا زالت الشمس إذا رجل قد برز بين الصفين، جسيم، على فرس جسيم، ضخم، على ضخم، ينادي، يا عباد الله بصوت موجع يا عباد الله، ورحوا إلى الجنة، ثلاث مرات، الجنة تحت ظلال الأسل، فثار الناس فإذا هو عمار بن ياسر فلم يلبث أن قتل رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>