بالنبطية: أي يد كفتاه يتورع من الشراب في زجاج، ولم يتورع من قتل عمار؟! ولما استحلم القتال بصفين، وكادوا يتفانون قال معاوية: هذا يوم تفانى فيه العرب إلا أن تدركهم فيه خفة العبد يعني: عمار بن ياسر وكان القتال الشديد ثلاثة أيام ولياليهن، وآخرهن ليلة الهرير. فلما كان اليوم الثالث قال عمار لهاشم بن عتبة بن أبي وقاص، ومعه اللواء يومئذٍ: احمل فداك أبي وأمي، فقال هاشم: يا عمار، رحمك الله، إنك رجل تستخفّك الحرب، وإني إنما أزحف باللواء زحفاً رجاء أن أبلغ بذلك بعض ما أريد، وإني إن خففت لم آمن الهلكة، فلم يزل به حتى حمل، فنهض عمار في كتبيته، فنهض إليه ذو الكلاع في كتبيته، فاقتتلوا فقتلا جميعاً، واستؤصلت الكتيبتان، وحمل على عمار حويّ السكسكي وأبو الغادية المزني، فقتلاه، فقيل لأبي الغادية: كيف قتلته؟ قال: لما دلف إلينا في كتيبته، ودلفنا إليه نادى: هل من مبارز؟ فبرز إليه رجل من السكاسك فاضطربا بسيفيهما فقتل عمار السكسي ثم نادى: من يبارز؟ فبرز إليه رجل من حمير فاضطربا بسيفيهما فقتل عمارٌ الحميري، وأثخنه الحميري، ونادى: من يبارز؟ فبرزت إليه، فاختلفنا ضربتين، وقد كانت يده ضعفت، فانتحى عليه بضربة أخرى، فسقط، فضربته بسيفي حتى برد، قال: ونادى الناس: قتلت أبا اليقظان! قتلك الله، فقلت: اذهب إليك، فوالله ما أبالي من كنت، وتالله ما أعرفه يومئذٍ، فقال له محمد بن المنتشر: يا أبا الغادية، خصمك يوم القيامة مازندر يعني ضخماً فضحك.