للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيها المادح العباد ليعطى ... إنّ لله ما بأيدي العباد

فسل الله ما طلبت إليهم ... وارج فضل المهيمن العواد

لا تقل في الجواد ما ليس فيه ... وتسمّي البخيل باسم الجواد

فقال: الحمد لله الذي شغل عنا هذا ببدعته، ولولا ذلك للقينا منه عنتاً.

ومن شعر عمران بن حطان: البسيط

يا ضربةً من تقيّ ما أراد بها ... إلاّ ليبلغ من ذي العرش رضوانا

إني لأذكره حيناً فأحبسه ... أوفى البريّة عند الله ميزانا

أكرم بقومٍ بطون الطير أقبرهم ... لم يخلطوا دينهم بغياً وعدوانا

فبلغ شعره عبد الملك بن مروان، فأدركته الحمية، فنذر دمه، ووضع عليه العيون والرصد، فلم تحمل عمران ارضٌ حتى أتى ورح بن زنباع، فأقام في ضيافته، فسأله: ممن أنت؟ فقال: رجل من الأزد. قال: وكان روح يكون في سمر عبد الملك حين يذهب ليل ثم يجيء إلى منزله، فيجد عمران قائماً يصلي، فيدعوه فيحدثه.

وكان عمران يحدث روحاً بأحسن ما يكون وأعجبه إعجاباً شديداً. فلما كان بعد سنة سمر روح عند عبد الملك فتذاكرا شعر عمران بن حطان. فلما انصرف روح دعاه كما كان يدعوه يحدثه، فأخبره بالشعر، فأنشد عمران بقية الشعر. فلما أتى روح عبد الملك قال: إن في ضيافتي رجلاً ما سمعت منك حديثاً قط إلا حدثني به وأحسن منه، ولقد أنشدته البارحة البيتين اللّذين قالهما ابن حطان في ابن ملجم، فأنشدني القصيدة كلها، فقال له عبد الملك: صفه لي، فوصفه، فقال: إنك لتصف صفة عمران بن حطان أو ما لي رأي، اعرض عليه أن يلقاني، قال: نعم، فقال روح لعمران: إني حدثت أمير المؤمنين أنك أنشدتني القصيدة كلها، فسألني أن أصفك له، فوصفتك له، فقال: هذا ابن حطان، اعرض عليه أن يلقاني، قال: معاذ الله، لست به، وأنا لاقيه إذا شئت إن شاء الله، وأصبح من الغد هارباً، وكتب إلى روح رقعة فيها هذه الأبيات: البسيط

يا روح كم من أخي مثوى نزلت به ... قد ظنّ ظنّك من لخمٍ وغسان

<<  <  ج: ص:  >  >>