عبد الملك، ودفع إليه الكتاب، وسأله عن الحجاج وأمير العراق اندفع يقول: الوافر
أمير المؤمنين إليك أهدي ... على النّأي التحية والسّلاما
أجبني عن بنيك يكن جوابي ... لهم أكرومة ولنا نظاما
ولو أن الوليد أطاع فيه ... جعلت له الخلافة والذّماما
شبيهك حول قبّته قريش ... به يستمطر الناس الغماما
ومثلك في التقى لم يصب يوماً ... لدن خلع القلائد والتّماما
قال: فكتب عبد الملك إلى عبد العزيز يسأله أن يجعل الولاية بعده للوليد، فكتب إليه عبد العزيز: إن رأيت ألاّ تعجل عليّ بالقطيعة، ولا يأتي عليّ الموت إلا وأنت لي واصل، فافعل، وذكر قرب الأجل. قال: فرقّ عبد الملك رقة شديدة لكتابه، ثم قال: لا يكون إلى الصلة أسرع منين وكفّ عن ذكر ذلك، وما لبث عبد العزيز إلا ستة أشهر حتى مات.
وفي رواية: أن عبد العزيز لما أبى أن يجيب عبد الملك إلى ما أراد قال عبد الملك: اللهم، إنه قد قطعني فاقطعه. فلما مات عبد العزيز قال أهل الشام: إنه ردّ على أمير المؤمنين أمره فدع عليه، فاستجيب له، وقال عبد الملك لابنيه: هل قارفتما حراماً قط؟ قالا: لا والله، قال: الله أكبر، نلتماها إذاً ورب الكعبة.
ولما كان زمان ابن الأشعث خرج عمران بن عصام مع ابن الأشعث على الحجاج، فأتى به الحجاج حين قتل ابن الأشعث فقتله سنة أربع أو خمس وثمانين فبلغ ذلك عبد الملك بن مروان فقال: قطع الله يد الحجاج، وأقتله وهو الذي يقول: الكامل
وبعثت من ولد الأغرّ معتّبٌ ... صقراً يلوذ حمامه بالعوسج
وإذا طبخت له بنار أنضجت ... وإذا طبخت بغيره لم تنضج