عظماء أهل الأرض. قال: فقال: وإنكم لهنالك، إنما الأمر من هاهنا وأشار بيده إلى التيماء خلوا سبيلي.
وعن طارق بن شهاب قال: لما قدم عمر الشام عرضت له مخاضة، فنزل عن بعيره، ونزع موقيه، فأمسكهما بيده، وخاض الماء، ومعه بعيره، فقال له أبو عبيدة: صنعت اليوم صنيعاً عظيماً عند أهل الأرض، صنعت كذا وكذا، فصك عمر في صدره وقال: أوه! لو غيرك يقولها يا أبا عبيدة، إنكم كنتم أذل الناس، وأحقر الناس، وأقل الناس، فأعزكم الله بالإسلام، فمهما تطلبوا العزّ بغيره يذلّكم الله عزّ وجلّ.
قال طارق: لما قدم عمر الشام لقيه الجنود، وعليه إزار وخفّان وعمامة، وهو آخذ برأس راحلته يخوض الماء، وقد خلع خفّيه، وجعلهما تحت إبطيه، قالوا: له يا أمير المؤمنين، الآن يلقاك الجنود وبطارقة الشام، وأنت على هذه الحالة! قال عمر: إنا قوم أعزنا الله بالإسلام، فلن نلتمس العزّ بغيره.
حدث جماعة قالوا: قال عمر: ضاعت مواريث الناس بالشام، أبدأ بها فأقسم المواريث، وأقيم لهم ما في نفسي ثم أرجع فأتقلب في البلاد، وأنبذ إليهم أمري، فأتى عمر الشام أربع مرات: مرتين في سنة ست عشرة، ومرتين في سنة سبع عشرة، ولم يدخلها في الأولى من الأخريين.
قال أبو مخنف: توجه عمر إلى الشام سنة ست عشرة، وعليها أبو عبيدة بن الجراح، فلما اشرف على غوطة دمشق ونظر إلى المدينة والقصور والبساتين تلا قوله تعالى:" كم تركوا من جنّاتٍ وعيونٍ وزروعٍ ومقامٍ كريمٍ ونعمةٍ كانوا فيها فاكهين كذلك وأورثناها قوماً آخرين " ثم تمثل بقول النابغة الطويل