عليه، فدعا بنفقة وبأثواب، فدفعها إلي وبأتان قد أوكفت، فقال: ألا تسمع؟ قلت: نعم، قال: اخرج عليها فإنها لا تمر بأهل دير إلا علفوها وسقوها حتى إذا بلغت مأمنك، فاضرب وجهها مدبرة، فإنها لا تمر بقوم ولا أهل دير إلى علفوها وسقوها حتى تصير إلي، فركبت، فلم أمرّ بقوم إلا علفوها وسقوها، حتى أدركت أصحابي متوجهين إلى الحجاز، فضرب وجهها مدبرة ثم سرت معهم.
فلما قدم عمر الشام في خلافته أتاه ذلك الراهب، وهو صاحب دير العدس بذلك الكتاب. فلما رآه عمر تعجب منه، فقال: أوف لي بشرطين فقال عمر: ليس لعمر، ولا لأبي عمر فيه شيء، ولكن عندك للمسلمين منفعة، فأنشأ عمر يحدث حديثه حتى أتى على آخره، فقال له عمر: إن أضفتم المسلمين، وهديتموهم الطريق، ومرّضتم المريض فعلنا ذلك، قال: نعم يا أمير المؤمنين، فوفى له بشرطه.
قال الواقدي: قولهم: إن عمر دخل الشام في خلافته مرتين، ورجع الثالثة من سرغ لا يعرف عندنا، إنما قدم عمر الشام في خلافته، قدمه عام الجابية سنة ست عشرة حين صالح أهل بيت المقدس، وقسم الغنائم بالجابية، وجاء عام سرغ سنة سبع عشرة فرجع من سرغ من أجل الطاعون، لم يكن غيرها بين الرحلتين. وهم يقولون: دخل في الثالثة دمشق وحمص، وهذه الرحلة لا تعرف عندنا، وسنين عمر معروفة عام الجابية سنة ست عشرة، وسرغ سنة سبع عشرة، والرمادة سنة ثمان عشرة، فكل هذا معروف، ولم يدخل عمر في روايته دمشق ولا حمص في خلافته.
وأم عمر حنتمة بنت هشام بن المغيرة أخت أبي جهل بن هشام، وكان أبو جهل خاله. وشهد عمر بدراً، وهو أول من سمي أمير المؤمنين.
لما توفي أبو بكر قال عمر: قيل لأبي بكر خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فكيف يقال لي: خليفة