وعن أبي هريرة قال: لما نزلت " إذا جاء نصر الله والفتح " قال: علم وحد حده الله لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونعى إليه نفسه بأنه لا يبقى بعد فتح مكة إلا قليلاً. وعن علي قال: نعى الله لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نفسه حين أنزل عليه " إذا جاء نصر الله والفتح " فكان الفتح من مهاجر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سنة ثمان. فلما طعن في سنة تسعة من مهاجره تتابع عليه القبائل تسعى، فلم يدري متى الأجل ليلاً أو نهاراً فعمل على قدر ذلك. فوسع السنن وشدد الفرائض وأظهر الرخص ونسخ كثيراً من الأحاديث فنسخت الرخصة الشدة والشدة في بعض الرخص، وغزا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تبوك، وفعل فعل مودع.
وعن عكرمة قال: لما نزلت هذه الآية " وللآخرة خير من الأولى " قال لاعباس: لا يدع الله نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيكم إلا قليلاً لما هو خير له. وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جلس على المنبر فقال: إن عبداً خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عند فأختار ما عند، فبكى أبو بكر الصديق وقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله، فعجبنا له، وقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ يخبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن عبد خيره الله بين أن نؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده وهو يقول: فديناك يا رسول الله بآبائنا وأمهاتنا. فكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو المخير وكان أبو بكر أعلمنا به، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر الصديق، لوكنت متخذاً خليلاً لأتخذت أبا بكر خليلاً؛ ولكن خلة الإسلام. لا تبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر.