قال عمرو بن العاص يوماً، وذكر عمر فترحم عليه ثم قال: ما رأيت أحداً بعد نبي الله وأبو بكر أخوف لله من عمر، لا يبالي على من وقع الحق: على ولد أو والدٍ، ثم قال: إني لفي منزلي ضحى، في مصر إذ أتاني آتٍ فقال: قدم عبد الله وعبد الرحمن ابنا عمر غازيين، فقلت: أين نزلا؟ قال: في موضع كذا وكذا لأقصى مصر وقد كتب إلي عمر: إياك أن يقدم عليك أحد من أهل بيتي فتضعه بأمر لا تصنعه بغيره، فأفعل بك ما أنت أهله فأنا لا أستطيع أن أهدي لهما، ولا آتيهما في منزلهما للخوف من أبيهما، فإني لعلى ما أنا فيه إذ قال قائل: هذا عبد الرحمن بن عمر وأبو سروعة يستأذنان، فقلت: يدخلان، فدخلا وهما منكران، فقالا: أقم علينا حدّ الله، فإنا قد أصبنا البارحة شراباً فسركنا، قال: فنهرهما وطردهما، فقال عبد الرحمن: إن لم تفعل أخبرت أبي إذا قدمت عليه، قال: يحضرني رأي، وعلمت أني إن لم أقم عليهما الحدّ غضب علي عمر في ذلك وعزلني، وخالفه ما صنعت، فنحن على ما نحن فيه إذ دخل عبد الله بن عمر، فقمت إليه، فرحبت به وأردت أجلسه على صدر مجلسين فأبى علي وقال: إن أبي نهاني أن أدخل عليك إلا ألاّ أجد بداً، وإني لم أجد بداً من الدخول عليك، إن أخي لا يحلق على رؤوس الناس أبداًن فأما الضرب فاصنع ما بدا لك. قال: وكانوا يحلقون مع الحدّ. قال: فأخرجتهما إلى صحن الدار فضربتهما الحد، ودخل ابن عمر بأخيه عبد الرحمن بيت في الدار فحلق رأسه ورأس أبي سروعة، فوالله ما كتبت إلى عمر بحرف مما كان، حتى إذا تحينت كتابه إذا هو فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم. من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى العاص ابن العاص، فعجبت لك يا ابن العاص ولجرأتك علي، وخلاف عدين أما إني قد خالفت فيك أصحاب بدر ممن هو خير منك واخترتك لجرأتك عني وإنفاد عهدي، فأراك تلوثت بما قد