ببينة فيقول: يا أمير المؤمنين، يا أمير المؤمنين، أفتاركهم أنا لا أبالك؟ فالماء والكلأ أيسر عليّ من الذهب والورق، وايم الله، إنهم ليرون أني ظلمتهم، وإنها لبلادهم، قاتلوا عليها في الجاهلية، وأسلموا عليها في الإسلام. والذي نفسي بيده لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت عليهم من بلادهم شبراً.
وعن أبي هريرة قال: قدمت من البحرين، فسألني عمر عن الناس، فأخبرته. ثم قال لي: ماذا جئت به؟ قلت: جئت بخمس مئة ألف. قال: ويحك هل تدري ما تقول؟ قلت: نعم، مئة ألف، ومئة ألف، ومئة ألف، ومئة ألف، ومئة ألف، قال: إنك ناعس، ارجع إلى أهلك فنم، فإذا أصبحت فائتني. فلما أصبحت أتيته، فقال: ماذا جئت به؟ قلت: جئت بخمس مئة ألف، قال: ويحك هل تدري ما تقول؟ قلت: نعم، مئة ألف، حتى عدها خمس مرات، يعدها بأصابعه الخمس، قال: أطنب، قلت: لا أعلم إلا ذلك، قال: فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس، إنه قد جاءنا مال كثير، فإن شئتم أن نكيلكم كيلاً، وإن شئتم أن نعدكم عداً، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إني قد رأيت هؤلاء الأعاجم يدوّنون ديواناً لهم، قال: فدوّن الديوان، وفرض للمهاجرين الأولين خمسة آلاف، خمسة آلاف، وللأنصار أربعة آلاف أربعة آلاف، ولأمهات المؤمنين اثني عشر ألفاً، اثني عشر ألفاً.
وعن الحسن قال: قال عمر بن الخطاب: السنة ثلاث مئة وستون يوماً، وإن حق الله عز وجل على عمر أن يكسح بيت المال في كل سنة يوماً عذراً إلى الله أني لم أدع فيه شيئاً.
وفي حديث بمعناه: حتى يعلم الله أني قد أديت إلى كل ذي حق حقه. قال الحسن: فأخذ صفوها، وترك كدرها حتى ألحقه الله بصاحبيه.