قال: فكدت أسقط عن راحلتي طرباً؛ فسمتّ سمته، فإذا هو راعي غنم، فسألته إعادته، فقال: والله لو حضرني قرىً أقريك ما أعدته، ولكن أجعله قراك اللّيلة؛ فإني ربّما ترنّمت بهما وأنا غرثان فأشبع، وظمآن فأروى، ومستوحش فآنس، وكسلان فأنشط؛ فاستعدته إيّاهما فأعادهما حتى أخذتهما؛ فما كان زادي حتى وردت المدينة غيرهما.
قال إسحاق: كان عمر الوادي يجتمع مع معبد ومالك وغيرهما من المغنّين عند الوليد بن يزيد، فلا يمنعه حضورهم من تقديمه والإصغاء إليه، والاختصاص له. وبلغني أن حكم الوادي وغيره من مغنّي وادي القرى أخذوا عنه الغناء، وانتحلوا أكثر أغانيه.
وعن علي بن محمد قال: كان مع الوليد يعني ابن يزيد حين قتل مالك بن أبي السّمح المغّني وعمر الوادي، فلّما تفرّق عن الوليد أصحابه، وحصر، قال مالك لعمر: اذهب بنا؛ فقال عمر: ليس هذا من الوفاء؛ ونحن لا يعرض لنا، لأنّا لسنا ممّن يقاتل؛ فقال مالك: ويلك، والله لئن ظفروا بنا لا يقتل أحد قبلي وقبلك، فيوضع رأسه بين رأسينا؛ ويقال للنّاس: انظروا من كان معه في هذه الحال؛ فلا يعيبونه بشيء أشدّ من هذا؛ فهربا.