وعن عمّار بن عبد الله بن سنان الجهنيّ، عن أبيه، قال: دخلت على عمر بن سعد وقد أمر بالمسير إلى الحسين، فقال لي: إن الأمير أمرني بالمسير إلى الحسين فأبيت ذلك عليه. قال: فقلت له: أصاب الله بك، أرشدك الله، أجل فلا تفعل ولا تسر إليه. قال: فخرجت من عنده، فأتاني آت فقال: هذا عمر بن سعد يند ب النّاس إلى الحسين! قال: فأتيته، فإذا هو جالس يند ب النّاس إلى الحسين، فلّما رآني أعرض عنّي بوجهه. قال: فعرفت أنه قد عزم له على المسير إليه؛ فخرجت من عنده. قال: وأقبل عمر بن سعد إلى ابن زياد فقال له: أصلحك الله، إنك وليتّني هذا العمل، وكتبت لي العهد، وسمع به النّاس؛ فإن رأيت أن تنفذ لي ذلك فافعل، وتبعث إلى الحسين في هذا الجيش من أشراف أهل الكوفة من لست بأغنى ولا أجزأ عنك في الحرب منه؛ فمسّمى له ناساً. فقال له ابن زياد: لا تعلّمني بأشراف أهل الكوفة، فلست أستأمرك فيما أريد أن أبعث؛ إن سرت بجندنا وإلا فابعث إلينا بعهدنا. قال: فلّما رآه قد لجّ قال: فإنّي سائر. قال: وأقبل في أربعة آلاف حتى نزل بالحسين.
قال أبو مخنف: حدّثني المجالد بن سعيد الهمداني والصّقعب بن زهير: أنهما التقيا مراراً ثلاثاً أو أربعاً حسين وعمر بن سعد. قال: فكتب عمر بن سعد إلى عبيد الله بن زياد: أمّا بعد؛ فإن الله قد أطفأ النّائرة، وجمع الكلمة، وأصلح أمر الأمّة؛ فهذا حسين قد أعطاني أن يرجع إلى المكان الذي منه أتى، أو أن نسيّره إلى ثغر من الثّغور فيكون رجلاً من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم، أو أن يأتي أمير المؤمنين يزيد فيضع يده في يده فيرى فيما بينه وبينه رأيه؛ وفي هذا لكم رضىً وللأمّة صلاح.