ملك الموت جاءني فقال: إن الله عز وجل أرسلني إليك وأمرني ألا أدخل عليك إلا بإذن، فإن لم تأذن لي أرجع، وإن أذنت لي دخلت، وأمر ألا اقبضك حتلى تأمرني، فمرني أمرك. فقلت أكفف عني حتى يأتني جبريل فهذه ساعة جبريل فخرج. فاستقبلنا بأمر لم يكن عندنا جواب ولا رأي فوجمنا وكأنما ضربنا بصاخة ما نحير إليه شيئأً، ولا يتكلم أحد من أهل البيت إعظاماً لذلك الأمرو هيبة ملأت أجوافنا. قالت عائشة: وجاء جبريل في ساعة فسلم، فعرفنا حسه، فخرج أهل البيت فدخل فقال: إن. الله عز وجل يقرأك عليك السلام يا محمد ويقول: كيف تجدك؟ وهو أعلم بالذي تجد منك. ولكنه أراد أن يزيدك كرامة وشرفاً، وأن يتم كرامتك وشرفك على الخلق، وأن تكون سنة في أمتك: فقال: أجدني وجعاً فقال: أبشر فإن الله أراد أن يبلغك ما أعد لك، قال: يا جبريل، إن ملك الموت ليستأذن علي وأخبره الخبر. فقال جبريل: يا محمد، إن ربك إليك مشتاق. أعلمك الذي يريد بك. لا والله ما استأذن ملك الموت على أحد قط ولااستأذن عليه أبداًإلا أن ربك متتم شرفك وهو إليك مشتاق. قال: فلا تبرح إذاً حتى يجيء، واذن للنساء فقال: ادني يا فاطمة، فأكبت عليه فناجاها، فرفعت رأسها وعيناها بأربع، وما تطيق الكلام، ثم قال: ادني مني رأسك، فأكبت عليه فناجاها، فرفعت رأسها وهي تضحك وما تطيق الكلام. فكان الذي رأينا منها عجباً، فسألناها بعد فقالت: أخبرني أنه قال: إني ميت اليوم فبكيت، ثم قال: إني دعوت الله أن يلحقك بي في أول أهلي وأن يجعلك معي، وادنت ابنيها منه فشمهما. وفي حديث آخر عن عائشة قالت: وخرج جبريل عليه السلام وقال: عليك السلام يا رسول الله. هذا آخر ما أنزل فيه إلى الأرض أبداً، طوي الوحي وطويت الدنيا، وما كانت لي في الأرض حاجة غيرك، ومالي قيها حاجة غيرك إلا حضورك ثم لزوم موقفي، ولا والذي بعث محمداً بالحق ما في البيت أحد يستطيع أن يحير إليه في ذلك كلمة ولا يبعث إلى أحد من رجاله أعظم ما يسمع من حديثه ووجدنا وإشفاقنا.