ومشى إليّ ببين عزّةً نسوة ... جعل المليك خدودهنّ نعالها
لو أن عزّةً خاصمت شمس الضّحى ... في الحسن عند موفّق لقضى لها
فقال عبد الملك: خذ النّاقة وما عليها يا صاحب جهنّم.
عن أبي بكر القرشيّ، قال: كان عمر بن أبي ربيعة جالساً بمنى في فناء مضربه إذ أقبلت امرأة برزة عليها أثر النّعمة، فسلّمت، فردّ عليها عمر السّلام، فقالت له: أنت عمر بن أبي ربيعة؟ قال: ها أنا هو، فما حاجتك؟ قالت: حيّاك الله وقرّبك، هل لك في محادثة أحسن النّاس وجهاً، وأتّمهنّ خلقاً، وأكملنّ أدباً، وأشرفهنّ حسباً؟ قال: هل لك في محادثة أحسن النّاس على شرط. قال: قولي. قالت: تمكّنني من عينيك حتى أشدّهما وأقودك، حتى إذا توسّطت الموضع الذي أريد حللت الشّدّ، ثم أفعل ذلك بك عند إخراجك حتى أنتهي بك إلى مضربك. قال: شأنك. ففعلت. قال عمر: فلّما انتهت بي إلى المضرب التي أرادت كشفت عن وجهي، فإذا أنا بامرأة على كرسيّ لم أر مثلها جمالاً وكمالاً، فسلّمت وجلست؛ فقالت: أنت عمر بن أبي ربيعة؟ قلت: أنا عمر. قلت: أنت الفاضح للحرائر؟ قلت: وما ذاك جعلني الله فداءك؟ قالت: ألست القائل: من الكامل
قالت: وعيش أخي وحرمة والدي ... لأنبّهنّ الحيّ إن لم تخرج
فخرجت خوف يمينها فتبسّمت ... فعلمت أن يمينها لم تحرج
فتناولت رأسي لتعلم مسّه ... بمخضّب الأطراف غير مشنّج
فلثمت فاها آخذاً بقرونها ... شرب النّزيف ببرد ماء الحشرج
قم فاخرج. ثم قامت، وجاءت المرأة فشدّت عيني ثم أخرجتني حتى انتهت بي إلى مضربي، وانصرفت وتركتني؛ فحللت عيني وقد دخلني من الكآبة والحزن ما الله به أعلم.