وفي حديث آخر: إنهم سمعوا التعزية مرتين فقال أبو بكر: هذا الخضرو اليسع، حضرا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وعن عائشة قالت: قمت إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أضع رأسه بين يدي، وأمسكت بصدره، وجعل يغمى عليه حتى يغلب، وجبهته ترشح عرقاً ما رأيته من إنسان قط، فجعلت أسلت ذلك العرق، وما وجدت رائحة شيء قط أطيب منه، فكنت أقول له إذا أفاق: بأبي وأمي ونفسي وأهلي ما تلقى جبهتك من الرشح فقال: يا عائشة، إن نفس المؤمن تخرج بالرشح والكافر تخرج من شدقه كنفس الحمار، فعند ذلك ارتبنا وبعثنا إلى أهلينا، فكان أول رجل جاءنا ولم يشهده، أخي، بعثته إلى أبي فمات رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل أن يجيئنا أحد، وإنما صدهم الله عنه لأنه ولاه جبريل وميكائيل صلى الله عليهما. قال أنس بن مالك: دخلت فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد أغمي عليه فقالت: واكرباه لكربك يا أبتاه. قال: فرفع رأسه ونظر إليها وقال: يا بنية، لا كرب على أبيك بعد اليوم، لقد حضر من أبيك ما ليس الله بمؤخر عنه أحداً لموافاة يوم القيامة. قال: ثم أغمي عليه، فأتاه آت فقال: السلام عليك أأدخل؟ فقال من حول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن كنت من المهاجرين أو من الأنصار فارجع فإن رسول الله عنك مشغول، فرفع رأسه فقال: من تطردون؟ تطردون داعي ربي عز وجل، ادخل يا ملك الموت. قال: وكان أمر ألا يدخل عليه إلا باذن فقال: ما جاء بك؟ قال: جئت أقبض روحك. قال: جئت تقبض روحي؟ ولم ألق حبيبي يا ملك الموت؟ انظرني حتى ألق حبيبي جبريل: قال: ذلك لك يا محمد. قال: وكان أمره بذلك. فخرج ملك الموت، فلقيه جبريل فقال: إين يا ملك الموت، قال: إنه سألني ألا أقبض روحه حتى يلقاك. قال: يا ملك الموت، أما ترى أبواب السماوات قد فتحت لجيئة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أما ترى أبواب الجنان قد فتحت لجيئة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أما ترى الملائكة قد نزلوا لجيئة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
قال: فأقبلا جميعاً حتى دخلا عليه، فسلما فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا جبريل، ما بد من الموت؟ قال: