للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: إن هؤلاء زعموا أن أباهم توفي وترك مالاً عندك. قال: صدقوا. قال: فأحضره بخاتم أبيهم. قال: قال: إن أبا هؤلاء توفي مذ كذا وكذا وإني كنت أنفق عليهم من مالي، وهذا مالهم. فقال عمر: ماأجد أحداً أحقّ أيكون عنده منك. قال: فقال: أيعود إليّ وقد خرج منّي؟ قال أنس بن مالك: ما رأيت أحداً أشبه صلاةً برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من هذا الفتى يعني عمر بن عبد العزيز وهو على المدينة.

عن العبّاس بن أبي راشد، عن أبيه، قال: نزل بنا عمر بن عبد العزيز، فلمّا رحل قال لي مولاي: اركب معي نشيّعه. قال: فركبت فمررنا بواد فإذا نحن بحيّة ميتة مطروحة على الطريق، فنزل عمر فنحّاها وواراها ثم ركب، فبينما نحن نسير إذا هاتف يهتف وهو يقول: يا خرقاء يا خرقاء. قال: فالتفتنا يميناً وشمالاً فلم نر أحداً. فقال له عمر: أسألك بالله أيّها الهاتف إن كنت مّمن تظهر إلاّ ظهرت، وإن كنت مّمن لا تظهر أخبرنا من الخرقاء؟ قال: الحيّة التي دفنتم في مكان كذا وكذا فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول لها يوماً: " يا خرقاء تموتين بفلاة من الأرض يدفنك خير مؤمن من أهل الأرض يومئذ ". فقال له عمر: ومن أنت يرحمك الله؟ قال: أنا من التّسعة أو السّبعة شكّ التّرقفيّ الذين بايعوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا المكان، أو قال: في هذا الوادي شكّ التّرقفيّ فقال له عمر: أنت سمعت هذا من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: آلله، إني أنا سمعت هذا من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فدمعت عينا عمر، وانصرفنا.

قال سفيان: سألت عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز حين قدم علينا: كم أتى على عمر؟ قال: مات ولم يتّم أربعين سنةً؛ وذكر شيئاً من فضله.

<<  <  ج: ص:  >  >>