للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسقيني السّمّ؟ قال: ألف دينار أعطيتها، وعلى أن أعتق. قال: ها تها. فجاء بها، فألقاها في بيت المال، وقال: اذهب حيث لا يراك أحد.

حدّث اللّيث بن سعد: أنه بلغه أن مسلمة بن عبد الملك لمّا رأى عمر بن عبد العزيز اشتدّ وجعه، وظنّ أنه ميّت، قال: يا أمير المؤمنين، إنك قد تركت بنيك عالةً لاشيء لهم، ولابدّ لهم ممّا لابدّ لهم منه، فلو أوصيت بهم إليّ وإلى ضربائي من قومك فكفوك مؤونتهم. فقال: أجلسوني؛ فأجلسوه؛ فقال: أمّا ما ذكرت من فاقة ولدي وحاجتهم، فوالله ما منعتهم حقاً هو لهم، وما كنت لأعطيهم حقّ غيرهم، وأمّا ما ذكرت من استخلافك ونظرائك عليهم لتكفوني مؤونتهم فإن خليفتي عليهم الذي نزّل الكتاب وهو يتولّى الصّالحين؛ ادعهم لي. قال: فدعوتهم وهم اثنا عشر، فاغرورقت عيناه، فقال: بأبي فتيةً تركتهم عالةً، وإنّما هم أحد رجلين: إمّا رجل يتّقي الله ويراقبه فسيرزقه الله؛ وإمّا رجل وقع في غير ذلك فلست أحب أن أكون قوّيته على خلاف أمر الله؛ وقد تركتكم بخير لن تلقوا أحداً من المسلمين ولا أهل الذّمّة إلاّ سيرى لكم حقاً. انصرفوا، عصمكم الله وأحسن الخلافة عليكم.

عن محمد بن قيس، صاحب عمر بن عبد العزيز، قال: اشتكى عمر بن عبد العزيز حضرة هلال رجب سنة إحدى ومئة، فكانت شكايته عشرين يوماً، فأرسل إلى نصرانيّ يساومه بموضع قبره: فقال له النّصرانيّ: والله يا أمير المؤمنين إني لأتبرّك بقربك وبجوارك، فقد حلّلتك. فأبى ذلك عليه إلاّ أن يبيعه. فباعه إيّاه بثلاثين ديناراً، ثم دعا بالدّنانير فوضعها في يده.

حدّث المغيرة بن حكيم، قال: قالت لي فاطمة بنة عبد الملك: كنت أسمع عمر في مرضه الذي مات فيه يقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>