الجزيرة، فأمدوا هرقل على أهل حمص، وبعثوا جنداً إلى هيت، وكتب بذلك سعد إلى عمر، فكتب إليه عمر: أن ابعث عمر بن مالك بن عتبة بن نوفل بن عبد مناف في جند، وابعث على مقدمته الحارث بن يزيد العامريّ، وعلى مجنّبتيه ربعيّ بن عامر ومالك بن حبيب؛ فخرج عمر بن مالك في جنده سائراً نحو هيت، وقدّم الحارث بن يزيد حتى نزل على من بهيت، وقد خندقوا عليهم، فأقام عليهم محاصرهم حتى أعطوا الجزاء، فتركوهم حتى لحقوا بأرض قرقيسيا، وانسلّ أهل قرقيسيا، فخلّف عليهم الحارث بن يزيد، وصمد لقرقيسيا. وقال عمر بن مالك في ذلك: من الطويل
قدمنا على هيت وهيت مقيمة ... بأبصارهم في الخندق المتطوّق
قتلناهم فيما يليه فأحجموا ... وعاذوا به عيذ الدّم المترقرق
تجاوب فيما حولهم هام قومهم ... فأنكر أصوات النّهوم المنقنق
وهم في حصار لا يريمون قعره ... حذار التي ترميهم بالتّفرّق
تركناهم والخوف حتى أقرّهم ... وسرنا إلى قرقيسيا بالمنطق
جمعنا بها الفرقين فانتهوا ... إلى جزية بعد الدّما والتحرّق
فلّما رأى عمر بن مالك امتناع القوم بخندقهم، واعتصامهم به، استطال ذلك فترك الأخبية على حالها وخلّف عليهم الحارث بن يزيد محاصرهم، وخرج في نصف النّاس يعارض الطّريق حتى يجيء قرقيسيا في غرّة، فأخذها عنوةً، فأجابوه إلى الجزاء، وكتب إلى الحارث بن يزيد: إن هم استجابوا فخلّ عنهم فليخرجوا، وإلاّ فخندق على خندقهم خندقاً أبوابه ممّا يليك، حتى رأى من رأيي؛ فسمحوا بالاستجابة، وانضمّ الجند إلى عمر والأعاجم إلى أهل بلادهم. وقال عمر في ذلك: من الطويل
تطاولت أيّامي بهيت فلم أحم ... وسرت إلى قرقيسيا سير حازم
فجئتهم في غرّة فاجتزيتها ... على غبن في أهلها بالصّوارم