قال ابن مهنّا: وعمرو بن الأسود هذا عداده في التّابعين من الشّامييّن، ويقال: إنه كان بحمص، وإنّما صحّ عندنا أنه نزل داريّا وسكن بها فإن ولده عندنا بداريّا إلى اليوم، وقد يمكن أن يكون نزل حمص ثم انتقل عنها وصار إلى داريّا، وأعقبّ بها، والله أعلم.
عن عمرو بن الأسود، أنه مرّ على مجلس بني معاوية، فسلّم عليهم، فردّوا عليه السّلام، وقالوا: لو جلست إلينا يا أبا عياض. قال: وقد اتّخذتم هذا مجلساً؟ قالوا: نعم، ينصرف الرّجل منّا من المسجد فيلقي ثيابه ثم يخرج فيجلس فيه حتى يعدّ له طعامه ثم يخرج إلى الصّلاة. قال عمرو: إذا قد اتّخذتموه مجلساً ولا بدّ من ذلك فأدّوا حقّه. قالوا: وما حقّه؟ قال: تقصرون من الطّرف، وتردّون السّلام فإن ردّه فريضة من طاعة الله وتركه من معصية الله، وترشدون الأعمى، وتهدون الضّال، وتأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، وتعينون المظلوم، وتأخذون على يد الظّالم. قال العجليّ: شاميّ تابعيّ ثقة. كان يقول: مامن موتة أموتها أحبّ إليّ من أن أموت على أريكتي. قيل: يا أبا عبد الرّحمن، ولا شهادةً في سبيل الله؟ قال: وكيف لي أن أوتى بها صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر؟ وكان إذا خرج إلى المسجد قبض بيمينه على شماله: فسئل عن ذلك فقال: مخافة أن تنافق يدي؛ يعني كيلا يخطر بها في مشيته فيعجب فيكون نفاقاً. وقال: لا ألبس مشهوراً أبداً، ولا أملأ جوفي من طعام بالنّهار أبداً حتى ألقاه. توفي وهو صائم.