على رأس ستة وثلاثين شهراً من الهجرة، فأسرته بنو عامر يومئذ، فقال له عامر بن الطّفيل: إنه قد كان على أمّي نسمة فأنت حرّ عنها؛ وجزّ ناصيته.
وقدم المدينة فأخبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقتل من قتل من أصحابه ببئر معونة، فقال رسول الله عليه وسلم:" أنت من بينهم؟ " يعني أفلتّ ولم تقتل كما قتلوا. ولمّا دنا عمرو من المدينة منصرفاً من بئر معونة لقي رجلين من بني كلاب فقاتلهما ثم قتلهما، وقد كان لهما من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمان، فوداهما رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهما القتيلان اللّذان خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى بني النّضير يستعينهم في ديتهما. قال: وبعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمرو بن أميّة ومعه سلمة بن أسلم بن حريش الأنصاري سريّةً إلى مكّة، إلى أبي سفيان بن حرب، فعلم بمكانهما فطلبا فتواريا، وظفر عمرو بن أميّة في تواريه ذلك في الغار بناحية مكّة بعبيد الله بن مالك بن عبيد الله التّيميّ فقتله، وعمد إلى خبيب بن عديّ وهو مصلوب فأنزله عن خشبته، وقتل رجلاً من المشركين من بني الدّيل، أعور طويلاً؛ ثم قدم المدينة، فسرّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقدومه ودعا له بخير. وبعثه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى النّجاشيّ بكتابين كتب بهما إليه، في أحدهما أن يزوّجه أمّ حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب، وفي الآخر يسأله أن يحمل إليه من بقي عنده من أصحابه. فزوّجه النّجاشي أمّ حبيبة، وحمل إليه أصحابه في سفينتين. وكانت لعمرو بن أميّة دار بالمدينة عند الحكّاكين ويعني الخرّاطين ومات بالمدينة في خلافة معاوية بن أبي سفيان.
وقال ابن ماكولا: صحب النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وشهد يوم بئر معونة ولم يفلت غيره، خلاّه عامر بن الطّفيل حين قال له: إنّي من مضر؛ وأنفذه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خمس مرّات: مرّةً إلى النّجاشيّ