قال: والذين كانوا في السّفينة الأشعريّون، والذي قادهم عمرو بن الحمق الخزاعيّ؛ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" من أين جئتم؟ " قالوا: من زبيد. قال النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" بارك الله في زبيد ". قالوا: وفي زمع. قال:" بارك الله في زبيد ". قالوا: وفي زمع يا رسول الله. قال في الثالثة:" وفي زمع ".
وعن عمرو بن الحمق الخزاعيّ: أنه سقى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " اللهم أمتعه بشبابه " فمرّت به ثمانون سنة لم ير الشعرة البيضاء.
وعن الأجلح بن عبد الله الكنديّ قال: وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: " يا عمرو أتحبّ أن أريك آية الجنّة؟ " قال: نعم يا رسول الله؛ فمرّ على عليّ فقال:" هذا وقومه آية الجنّة ". فلمّا قتل عثمان وبايع النّاس عليّاً لزمه فكان معه حتى أصيب؛ ثم كتب معاوية في طلبه وبعث من يأتيه به. قال الأجلح: فحدّثني عمران بن سعيد البجليّ، عن رفاعة بن شدّاد البجليّ وكان مؤاخياً لعمرو بن الحمق أنه خرج معه حين طلب، فقال لي: يا رفاعة، إن القوم قاتلي، وإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبرني أن الجنّ والإنس تشترك في دمي؛ وقال لي:" يا عمرو إن أمنك رجل على دمه فلا تقتله فتلقى الله بوجه غادر ". قال رفاعة: فما أتمّ حديثه حتى رأيت أعنّة الخيل فودّعته، وواثبته حيّة فلسعته، وأدركوه فاحتزّوا رأسه فكان أول رأس أهدي في الإسلام. قتل سنة خمسين. وقيل: إحدى وخمسين.