فعقد لهم لواء، وخرج عبد الله بن صفوان من أسفل مكة من اللبط، فلم يشعر أنيس بن عمرو الأسلميّ وهو على عسكر عمرو بن الزّبير إلاّ بالقوم، فصاح بأصحابه وهم قريب على عدّة فتصافّوا، فقتل أنيس بن عمرو في المعركة؛ ووجّه عبد الله بن الزّبير مصعب بن عبد الرّحمن بن عوف في جمع إلى عمرو بن الزّبير، فلقوه فتفرّق أصحابه عنه وانهزم عسكره من ذي طوى، وجاء عبيدة بن الزّبير إلى عمرو بن الزّبير فقال: أنا أجيرك من عبد الله. فجاء به إلى عبد الله أسيراً والدّم يقطر على قدميه؛ فقال: ما هذا الدّم؟ فقال: من الطويل
لسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا تقطر الدّما
فقال: وتكلم أي عدو الله، المستحلّ لحرمة الله!. فقال عبيدة: إني قد أجرته فلا تخفر جواري. فقال: أنا أجير جوارك لهذا الظّالم الذي فعل ما فعل، فأما حقّ النّاس فإني أقتصّ لهم منه. فضربه بكل سوط ضرب به أحداً من الذين بالمدينة وغيرهم، إلاّ محمد بن المنذر بن الزّبير فإنه أبى أن يقتصّ، وعثمان بن عبد الله حكيم بن حزام فإنه أبى أيضاً. وأمر به فحبس في حبس زيد عارم مع عمرو بن الزّبير فأخذه فحبسه مع عمرو بن الزّبير، فسميّ ذلك الحبس بسجن عارم، وبنى لزيد عارم ذراعين في ذراعين وأدخله وأطبق عليه بالجصّ والآجرّ. وقال عبد الله بن الزّبير: من كان يطلب عمرو بن الزّبير بشيء فليأتنا نقصّه منه؛ فجعل الرّجل يأتي فيقول: نتف أشعاري. فيقول: انتف أشعاره. وجعل الآخر يقول: نتف حلمتي. فيقول: انتف حلمته. وجعل الرّجل يأتي فيقول: لهزني. فبقول: الهزه. وجعل الرّجل يقول: نتف لحيتي. فيقول: انتف لحيته.